كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 19)

مناف لظاهره صدر من غير معصوم ويكفي محي الدين قدس سره من علماء الشريعة أن يؤولوا كلامه ليوافق كلام الله عز و جل فيسلم من الطعن ولعل من يؤول في مثل ذلك يحسن الظن بمحي الدين قدس سره ويقول : إنه لم يقل ذلك إلا لدليل شرعي فقد قال قدس سره في الكلام على الاذن من الفتوحات : اعلم اني لم أقرر بحمد الله تعالى في كتابي هذا ولا غيره قط أمرا غير مشروع وما خرجت عن الكتاب والسنة في شيء من تصانيفي وقال في الباب السادس والستين وثلاثمائة من الكتاب المذكور جميع ما أتكلم به في مجالسي وتأليفي انما هو من حضرة القرآن العظيم فاني اعطيت مفاتيح العلم فيه فلا استمد قط في علم من العلوم إلا منه كل ذلك حتى لا أخرج عن مجالسة الحق تعالى في مناجاته بكلامه أو بما تضمنه كلامه سبحانه إلى غير ذلك فالداعي للتأويل في الحقيقة ذلك الدليل لانفس كلامه قدس سره العزيز وهو اللائق بالمسلمين الكاملين
وقوله تعالى : لتكون من المنذرين
491
- متعلق بنزل أي نزل به لتنذرهم بما في تضاعيفه من العقوبات الهائلة وايثار ما في النظم الكريم للدلالة على انتظامه صلى الله عليه و سلم في سلك اولئك المنذرين المشهورين في حقية الرسالة وتقرر العذاب المنذر به وكذا قوله سبحانه بلسان عربي مبين
591
- متعلق بنزل عند جمع من الأجلة ويكون حينئذ على ما قاله الشهاب بدلا من به باعادة العامل وتقديم لتكون الخ للاعتناء بأمر الانذار ولئلا يتوهم أن كونه عليه الصلاة و السلام من جملة المنذرين المذكورين متوقف على كون الانزال بلسان عربي مبين واستحسن كون الباء للملابسة والجار والمجرور في موضع الحال من ضمير به أي نزل به متلبسا بلغة عربية واضحة المعنى ظأهرة المدلول لئلا يبقى لهم عذر وقيل : بلغة مبينة لهم ما يحتاجون اليه من أمور دينهم ودنياهم على أن مبين من أبا المتعدي والأول أظهر
وجوز أن تعلق الجار والمجرور بالمنذرين أي لتكون من الذين أنذروا بلغة العرب وهم هود وصالح واسمعيل وشعيب ومحمد صلى الله عليه و سلم وزاد بعضهم خالد بن سنان وصفوان بن حنظلة عليهما السلام وتعقب بأنه يؤدي الى أن غاية الانذار كونه عليه السلام من جملة المنذرين باللغة العربية فقط من هود وصالح وشعيب عليهم السلام ولا يخفى فساده كيف لا والطامة الكبرى في باب الانذار ما أنذره نوح وموسى عليهما السلام وأشد الزواجر تأثيرا في قلوب المشركين ما أنذره ابراهيم عليه السلام لانتمائهم اليه وادعائهم أنهم على ملته عليه السلام وذكر بعضهم ان المراد على هدا الوجه أنك أنذرتهم كما أنذر آباؤهم الأولون وأنك لست بمبتدع بهذا فكيف كذبوك والحق أن الوجه المذكور دون الوجه السابق وأما أنه فاسد معنى كما يقتضيه كلام المتعقب فلا
وأنه لفي زبر الأولين
691
- أي وان ذكر القرآن لفي الكتب المتقدمة على أن الضمير للقرآن والكلام على حذف مضاف وهذا كما يقال : ان فلانا في دفتر الأمير وقيل : المراد وان معناه لفي الكتب المتقدمة وهو اعتبار الأغلب فان التوحيد وسائر ما يتعلق بالذات والصفات وكثيرا من المواعظ والقصص مسطور في الكتب السابقة فلا يضران منه ماليس في ذلك بحسب الظن الغالب كقصة الافك وما كان في نكاح أمرأة زيد وما تضمنه صدر سورة التحريم وغير ذلك واشتهر عن الامام أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه أنه جوز قراءة القرءان بالفارسية والتركية والهندية وغير ذلك من اللغات مطلقا استدلالا بهذه الآية وفي رواية

الصفحة 125