كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 19)

فيها ذكر الرسول صلى الله عليه و سلم وقيل : علماؤهم من أسلم منهم ومن لم يسلم وقيل : انبياؤهم فانهم نبهوا على ذلك وهو خلاف الظاهر ولعل أظهر الأقوال كون المراد به معاصريه صلى الله تعالى عليه وسلم من علماء أهل الكتابين المسلمين وغيرهم
وقرأ ابن عامر والجحدري تكن بالتأنيث وءاية بالرفع وجعلت اسم تكن وأن يعلمه خبرها وضعف بأن فيه الاخبار عن النكرة بالمعرفة ولا يدفعه كون النكرة ذات حال بناء على أحد الاحتمالين في لهم متعلقا بمحذوف هو الخبر وأن يعلمهبدلا من الاسم أو خبر مبتدأ محذوف وأن يكون الاسم ضمير القصة ولهم ءاية مبتدأ وخبر والجملة خبر تكن وأن يعلمه بدلا أو خبر مبتدأ محذوف وأن يكون الاسم ضمير القصة وءاية خبر ان يعلمه والجملة خبر تكن وأن تكون تكن تامة وءاية فاعلا وأن يعلمه بدلا أو خبرا لمحذوف و لهم إما حالا أو متعلقا بتكن وقرأ ابن عباس تكن بالتأنيث وءاية بالنصب كقراءة من قرأ ثم لم تكن بالتأنيث فتنتهم بالنصب إلا أن قالوا وكقول لبيد يصف العير والاتان : فمضى وقدمها وكانت عادة منه إذا هي عردت اقدامها وذلك إما على تأنيث الاسم لتأنيث الخبر وإما لتأويل أن يعلمه بالمعرفة وتأويل أن قالوا بالمقالة وتأويل الاقدام بالمتقدمة ودعوى اكتساب التأنيث فيه من المضاف اليه ليس بشيء لفقد شرطه المشهور
وقرأ الجحدري تعلمه بالتأنيث على أن المراد جماعة علماء بني إسرائيل وكتب في المصحف علمؤا بواو بين الميم والألف ووجه ذلك بانه على لغة من يميل الف علماء إلى الواو كما كتبوا الصلوة والزكوة والبو بالواو على تلك اللغة ولو نزلناه أي القرءان كما هو بنظمه الرائق المعجز على بعض الأعجمين
891
- الذين لايقدرون على التكلم بالعربية وهو جمع اعجمي كما في التحرير وغيره إلا أنه حذف ياء النسب منه تخفيفا ومثله الاشعرين جمع أشعري في قول الكميت : ولو جهزت قافية شرودا لقد دخلت بيوت الاشعرينا وقد قرأه الحسن وابن مقسم بياء النسب على الأصل وقال ابن عطية : هو جمع اعجم وهو الذي لايفصح وإن كان عربي النسب والعجمي هو الذي نسبته في العجم خلاف العرب وإن كان أفصح الناس انتهى
واعترض بأن أعجم مؤنثه عجماء وأفعل فعلاء لايجمع جمع سلامة وأجيب بأن الأعجم في الأصل البهيمة العجماء لعدم نطقها ثم نقل أو تجوز به عما ذكر وهو بذلك المعنى ليس له مؤنث على فعلاء فلذلك جمع جمع السلامة وتعقب بأنه قد صرح العلامة محمد بن أبي بكر الرازي في كتابه غرائب القرآن بأن الأعجم هو الذي لايفصح والأنثى العجماء ولو سلم أنه ليس له بذلك المعنى مؤنث فالأصل مراعاة أصله وفيه أن كون ارتفاع المانع لعارض مجوزا مما صرح به النحاة ثم إن كون أفعل فعلاء لايجمع جمع سلامة مذهب البصريين والفراء وغيره من الكوفيين يجوزونه فلعل من قال : إنه جمع أعجم قاله بناء على ذلك وظاهر الجمع المذكور يقتضي أن يكون المراد به العقلاء وعن بعضهم أنه جمع أعجم مرادا به مالا يعقل من الدواب العجم وجمع جمع العقلاء لأنه وصف بالتنزيل عليه وبالقراءة في قوله تعالى : فقرأه عليهم فان الظأهر رجوع ضمير الفاعل إلى بعض الأعجمين وهما من صفات العقلاء والمراد بيان فرط عنادهم وشدة شكيمتهم في

الصفحة 127