كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 19)

فيبطل كون المشاركة المذكورة شرطا للسمع فان ادعي أن الشرط كان موجودا إذ ذاك ثم فقد والتزم القول بجواز تغير ما بالذات فهو مما لم يقم عليه دليل وقياس جميع الشياطين على ابليس عليه اللعنة ممالايخفى حاله فتدبر
وبالجملة الذي أميل اليه في معنى الآية ما ذكرته أولا وسيأتي قريبا إن شاء الله تعالى ما يتعلق بذلك وجوز كون ضمير انهم للمشركين والمراد أنهم لايصغون للحق لعنادهم وفي الآية شمة من قوله تعالى والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات وهو بعيد جدا
فلا تدع مع الله الها ءاخر فتكون من المعذبين
312
- خوطب به النبي صلى الله عليه و سلم مع استحالة صدور المنهي عنه عليه الصلاة و السلام تهييجا وحثا لازدياد الاخلاص فهو كناية عن اخلاص في التوحيد حتى لاترى معه عز و جل سواه وفيه لطف لسائر المكلفين ببيان أن الاشراك من القبح والسوء بحيث ينهى عنه من لم يكن صدوره عنه فكيف بمن عداه وكأن الفاء فصيحة أي إذا علمت ما ذكر فلا تدع مع الله الها آخر وأنذر العذاب الذي يستتبعه الشرك والمعاصي عشيرتك الأقربين
412
- أي ذوي القرابة القريبة أو الذين هم أكثر قربا اليك من غيرهم
والعشيرة على ما قال الجوهري : رهط الرجل الأدنون وقال الراغب هم أهل الرجل الذين يتكثر بهم أي يصيرون له بمنزلة العدد الكامل وهو العشرة واشتهر ان طبقات الانساب ست الأولى الشعب بفتح الشين وهو النسب الأبعد كعدنان الثانية القبيلة وهي ما أنقسم فيه الشعب كربيعة ومضر والثالثة العمارة بكسر العين وهي ما انقسم فيه انساب القبيلة كقريش وكنانة الرابعة البطن وهو ما انقسم فيه انساب العمارة كبني عبد مناف وبني مخزوم والخامسة الفخذ وهو ما أنقسم فيه انساب البطن كبني هاشم وبني أمية السادسة الفصيلة وهي ما أنقسم فيه أنساب الفخذ كبني العباس وبني عبد المطلب وليس دون الفصيلة إلا الرجل وولده
وحكى ابو عبيد عن ابن الكلبي عن ابيه تقديم الشعب ثم القبيلة ثم الفصيلة ثم العمارة ثم الفخذ فأقام الفصيلة مقام العمارة في ذكرها بعد القبيلة والعمارة مقام الفصيلة في ذكرها قبل الفخذ ولم يحك ما يخالفه ولم يذكر في الترتيبين العشيرة وفي البحر أنها تحت الفخذ فوق الفصيلة والظاهر أن ذلك على الترتيب الأول
وحكى بعضهم بعد أن نقل الترتيب المذكور عن النووي عليه الرحمة أنه قال في تحرير التنبيه : وزاد بعضهم العشيرة قبل الفصيلة ويفهم من كلام البعض أن العشيرة إذا وصفت بالأقرب اتحدت مع الفصيلة التي هي سادسة الطبقات وأنت تعلم أن الأقربية إدا كانت مأخوذة في مفهومها كما يفهم من كلام الجوهري تستغني دعوى الاتحاد عن الوصف المذكور
وفي كليات أبي البقاء كل جماعة كثيرة من الناس يرجعون إلى أب مشهور بامر زائد فهو شعب كعدنان ودونه القبيلة وهي ما انقسمت فيها أنساب الشعب كربيعة ومضر ثم العمارة وهي ما انقسمت فيها أنساب القبيلة كقريش وكنانة ثم البطن وهي ما انقسمت فيها أنساب العمارة كبني عبد مناف وبني مخزوم ثم الفخذ وهي ما انقسمت فيها أنساب البطن كبني هاشم وبني أمية ثم العشيرة وهي ما انقسمت فيها أنساب الفخذ كبني العباس وبني أبي طالب والحي يصدق على الكل لأنه للجماعة المتنازلين بمربع منهم انتهى
ولم يذكر فيه الفصيلة وكأنه يذهب إلى اتحادها بالعشيرة ووجه تخصيص عشيرته صلى الله تعالى عليه وسلم الأقربين بالذكر مع عموم رسالته

الصفحة 134