كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 19)

عليه الصلاة و السلام دفع توهم المحاباة وأن الأهتمام بشأنهم وأن البداءة تكون بمن يلي ثم بعده كما قال سبحانه : قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وفي كيفية الانذار أخبار كثيرة منها ما أخرجه البخاري عن أبن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : لما نزلت وأنذر عشيرتك الأقربين صعد النبي صلى الله عليه و سلم على الصفا فجعل ينادي يابني فهر يابني عدي لبطون قريش حتى اجتمعوا فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولا لينظر ما هو فجاء أبو لهب وقريش فقال : أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا بالواودي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي قالوا : نعم ما جربنا عليك إلا صدقا قال : فاني نذير لكم بين يدي عذاب شديد فقال أبو لهب : تبالك سائر اليوم ألهذا جمعتنا فنزلت تبت يدا أبي لهب وتب ما أغنى عنه ماله وما كسب ومنها ما أخرجه أحمد وجماعة عن أبي هريرة قال : لما نزلت وأنذر عشيرتك الاقربين دعا رسول الله صلى الله عليه و سلم قريشا وعم وخص فقال : يا معشر قريش انقذوا أنفسكم من النار فاني لا أملك لكم ضرا ولا نفعا يامعشر بني كعب ابن لؤي أنقذوا أنفسكم من النار فاني لا أملك لكم ضرا ولا نفعا يا معشر بني قصي أنقذوا أنفسكم من النار فاني لا أملك لكم ضرا ولا نفعا يا معشر بني عبد مناف أنقذوا أنفسكم فاني لا أملك لكم ضرا ولا نفعا يا فاطمة بنت محمد انقذي نفسك من النار فاني لاأملك لك ضرا ولا نفعا ألا أن لكم رحما وسأبلها ببلاها
وجاء في بعض الروايات أنه صلى الله تعالى عليه وسلم لما نزلت الآية جمع عليه الصلاة و السلام بني هاشم فأجلسهم على الباب وجمع نساءه وأهله فاجلسهم في البيت ثم اطلع عليهم فأنذرهم وجاء في بعض ءاخر منها أنه عليه الصلاة و السلام أمر عليا كرم الله تعالى وجهه أن يصنع طعاما ويجمع له بني عبد المطلب ففعل وجمعهم وهم يومئذ أربعون رجلا فبعد أن أكلوا أراد صلى الله عليه و سلم أن يكلمهم بدره أبو لهب إلى الكلام فقال : لقد سحركم صاحبكم فتفرقوا ثم دعاهم منن الغد إلى مثل ذلك ثم بدرهم بالكلام فقال : يا بني عبد المطلب إني أنا النذير اليكم من الله تعالى والبشير قد جئتكم بما لم يجيء به أحد جئتكم بالدنيا والآخرة فاسلموا تسلموا وأطيعوا تهتدوا إلى غير ذلك من الأخبار والروايات وإدا صح الكل فطريق الجمع أن يقال بتعدد الأنذار
ومن الروايات ما يتمسك به الشيعة فيما يدعونه في أمر الخلافة وهو مؤول أو ضعيف أو موضوع وأنذر عشيرتك الأقربين ورهطك منهم المخلصين واخفض جناحك لما اتبعك من المؤمنين
512
- أمر له صلى الله تعالى عليه وسلم بالتواضع على سبيل الاستعارة التبعية أو التمثيلية أو المجاز المرسل وعلاقته اللزوم ويستعمل في التكبر رفع الجناح وعلى ذلك جاء قول الشاعر : وأنت الشهير بخفض الجناح فلا تك في رفعة أجدلا و من قيل : بيانية لأن من اتبع في أصل معناه أعم ممن أتبع لدين أو غيره ففيه إبهام وبذكر المؤمنين المراد بهم المتبعون للدين زال ذلك وقيل : للتبعيض بناء على شيوع من اتبع فيمن اتبع للدين وحمل المؤمنين على من صدق باللسان ولو نفاقا ولا شك أن المتبعين للدين بعض المؤمنين بهذا المعنى وجوز أن يحمل على من شارف وإن لم يؤمن ولا شك أيضا أن المتبعين المذكورين بعضهم وفي الآية على القولين أمر بالتواضع لمن اتبع للدين

الصفحة 135