كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 19)

الأجنبي الأجنبي وإنما العمل نفسه يقتضي الأجرة وهو لايأخذها وانا يأخذها العامل وهو العبد فهو قابض الأجرة من الله تعالى فأشبه الأجير في قبض الأجرة وخالفه بالاستئجار اه
وحقق أيضا ذلك في الباب السادس عشر والثلاثمائة من الفتوحات وذكر في الباب السابع عشر والاربعمائة منها أن أجر كل نبي يكون على قدر ما ناله من المشقة الحاصلة له من المخالفين وما تنزلت به الشياطين وما ينبغي لهم وما يستطيعون إنهم عن السمع لمعزولون فيه إشارة إلى أنه ليس للشيطان قوة حمل القرآن لأنه خلق من نار وليس لها قوة حمل النور ألا ترى أن نار الجحيم كيف تستغيث عند مرور المؤمن عليها وتقول : جز يامؤمن فقد أطفأ نورك لهبي ولنحو ذلك ليس له قوة على سمعه وهذا بالنسبة إلى أول مراتب ظهوره فلا يرد أن يلزم على ماذكر أن الشياطين لايسمعون آيات القرآن إذا تلوناها ولا يحفظونها وليس كذلك
نعم ذكر أنهم لايقدرون أن يسمعوا آية الكرسي وآخر البقرة وذلك لخاصية فيهما وأنذر عشيرتك الأقربين فيه إشارة إلى أن النسب إدا لم ينظم اليه الايمان لاينفع شيئا ولما كان حجاب القرابة كثيفا أمر صلى الله عليه و سلم بإنذار عشيرته الأقربين واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين هم أهل النسب المعنوي الذي هو أقرب من النسب الصوري كما أشار اليه ابن الفارض قدس سره بقوله : نسب أقرب في شرع الهوى بيننا من نسب من أبوي وأنا أحمد الله تعالى كما هو أهله على أن جعلني من الفائزين بالنسبين حيث وهب لي الايمان وجعلني من ذرية سيد الكونين صلى الله تعالى عليه وسلم فها أنا من جهة أم أبي من ذرية الحسن ومن جهة أبي من ولد الحين رضي الله تعالى عنهما
نسب كأن عليه من شمس الضحى نورا ومن فاق الصباح عمودا والله عز و جل هو ولي الاحسان المتفضل بصنوف النعم على نوع الانسان والصلاة والسلام على سيد العالمين وآله وصحبه أجمعين
سورة النمل
72 - وتسمى أيضا كما في الدر المنثور سورة سليمان وهي مكية كما روي عن ابن عباس وابن الزبير رضي الله تعالى عنهم وذهب بعضهم إلى مدنية بعض آياتها كما سيأتي إنشاء الله تعالى وعدد آياتها خمسة وتسعون ءاية حجازي وأربع بصري وشامي وثلاث كوفي ووجه اتصالها بما قبلها أنها كالتتمة لها حيث زاد سبحانه فيها ذكر داود وسليمان وبسط فيها قصة لوط عليه السلام أبسط مما هي قبل وقد وقع فيها إد قال موسى لأهله إني ءانست نارا الخ وذلك كالتفصيل لقوله سبحانه فيما قبل : فوهب لي ربي حكما وجعلني من المرسلين وقد اشتمل كل من السورتين على ذكر القرآن وكونه من الله تعالى وعلى تسليته صلى الله عليه و سلم إلى غير ذلك وروي عن ابن عباس وجابر بن زيد أن الشعراء نزلت ثم طس ثم القصص
بسم الله الرحمن الرحيم

الصفحة 154