كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 19)

هندهند وزيد وقوله تعالى : هدى وبشرى في حيز النصب على الحالية من آيات على إقامة المصدر مقام الفاعل فيه للمبالغة كأنها نفس الهدى والبشارة والعامل معنى الاشارة وهو الذي سمته النحاة عاملا معنويا
وجوز أبو البقاء على قراءة الرفع في كتاب كون الحال منه ثم قال : ويضعف أن يكون من المجرور ويجوز أن يكون حالا منن الضمير في مبين على القرءتين وجوز أبو حيان كون النصب على المصدرية أي تهدي هدى وتبشر بشرى أو الرفع على البدلية من آيات واشتراط الكوفيين في إبدال النكرة من المعرفة شرطين اتحاد اللفظ وأن تكون النكرة موصوفة نحو قوله تعالى لنسفعا بالناصية ناصية كاذبة غير صحيح كما في شرح التسهيل لشهادة السماع بخلافه أو على أنه خبر لتلك أو خبر لمبتدأ محذوف أي هي هدى وبشرى للمؤمنين
2
- يحتمل أن يكون قيدا للهدى والبشرى معا ومعنى هداية الآيات لهم وهم مهتدون أنها تزيدهم هدى قاله سبحانه : فأما الذين آنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون وأما معنى تبشيرها إياهم فظاهر لأنها تبشرهم برحمة الله تعالى ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم كذا قيل وفي الحواشي الشهابية أن الهدى على هذا الاحتمال إما بمعنى الاهتداء أو على ظاهره وتخصيص المؤمنين لأنهم المنتفعون به وإن كانت هدايتها عامة وجعل المؤمنين بمعنى الصائرين للايمان تكلف كحمل هداهم على زيادته ويحتمل أن يكون قيدا للبشرى فقط ويبقى الهدى على العموم وهو بمعنى الدلالة والارشاد أي هدى لجميع المكلفين وبشرى قيدا للبشرى فقط ويبقى الهدى على العموم وهو بمعنى الدلالة والارشاد أي هدى لجميع المكلفين وبشرى للمؤمنين الذين يقيمون الصلوة ويؤتون الزكوة صفة مادحة للمؤمنين وكني باقامة الصلاة وإيتاء الزكاة عن عمل الصالحات مطلقا وخصا لأنهما على ما قيل أما العبادة البدنية والمالية والظاهر أنه حمل الزكاة على الزكاة المفروضة
وتعقب بأن السورة مكية والزكاة إنما فرضت بالمدينة وقيل كان في مكة زكاة مفروضة إلا أنها لم تكن كالزكاة المفروضة بالمدينة فلتحمل الآية عليها وقيل : الزكاة هنا بمعنى الطهارة من النقائص وملازمة مكارم الاخلاق وهو خلاف المشهور في الزكاة المقرونة بالصلاة ويبعده تعليق الايتاء بها وقوله تعالى : وهم بالآخرة هم يوقنون
3
- يحتمل أن يكون معطوفا على جملة الصلة ويحتمل أن يكون في موضع الحال من ضمير الموصول ويحتمل أن يكون استئنافا جيء به للقصد إلى تأكيد ما وصف المؤمنون به من حيث أن الايقان بالآخرة يستلزم الخوف المستلزم لتحمل مشاق التكليف فلابد من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وقد أقيم الضمير فيه مقام اسم الاشارة المفيد لاكتساب الخلاقة بالحكم باعتبار السوابق فكأنه قيل : وهؤلاء الذين يؤمنون ويعملون الصالحات من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة هم الموقنون بالآخرة وسمى الزمخشري هذا الاستئناف اعتراضا وكونه لايكون إلا بين شيئين يتعلق أحدهما بالآخر كالمبتدأ والخبر غير مسلم عنده
واختار هذا الاحتمال فقال : إنه الوجه ويدل عليه أنه عقد الكلام جملة ابتدائية وكرر فيها المبتدأ الذي هو هم حتى صار معناها وما يوقن بالآخرة حق الايقان إلا هؤلاء الجامعون بين الايمان والعمل الصالح لأن خوف العاقبة يحملهم على تحمل المشاق انتهى وأنكر ابن المنير افادة نحو هذا التركيب الاختصاص وادعى ان تكرار الضمير للتطرية لمكان الفصل بين الضميرين بالجار والمجرور والحق أنه يفيد ذلك كما صرحوا به

الصفحة 156