كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 19)

وفيوفي الاخبار الصحيحة ما ينصر هذا التأويل أيضا اولئك اشارة الى المذكورين الموصوفين بالكفر والعمه وهو مبتدأ خبره الذين لهم سوء العذاب يحتمل أن يكون المراد لهم ذلك في الدنيا بان يقتلوا أو يؤسروا أو تشدد عليهم سكرات الموت لقوله تعالى وهم في الآخرة هم الأخسرون
5
- ويحتمل أن يكون المراد لهم ذلك في الدارين وهو الذي استظهره أبو حيان ويكون قوله تعالى وهم الخ لبيان أن ما في الآخرة أعظم العذابين بناء على أن الأخسرين أفعل تفضيل والتفضيل باعتبار حاليهم في الدارين أي هم في الآخرة أخسر منهم في الدنيا لاغيرهم كما يدل عليه تعريف الجزأين على معنى أن خسرانهم في الآخرة أعظم من خسرانهم في الدنيا من حيث أن عذابهم في الآخرة غير منقطع أصلا وعذابهم في الدنيا منقطع ولا كذلك غيرهم من عصاة المؤمنين لأن خسرانهم في الآخرة ليس أعظم من خسرانهم في الدنيا من هذه الحيثية فان عذابهم في الآخرة ينقطع ويعقبه نعيم الأبد حتى يكادوا لايخطر ببالهم أنهم عذبوا كذا قيل
وقال بعضهم : إن التفضيل باعتبار ما في الآخرة أي هم في الآخرة أشد الناس خسرانا لاغيرهم لحرمانهم الثواب واستمرارهم في العقاب بخلاف عصاة المؤمنين ويلزم من ذلك كون عذابهم في الآخرة أعظم من عذابهم في الدنيا ويكفي هذا في البيان وقال الكرماني : إن أفعل هنا للمبالغة لا للشركة قال أبو حيان : كأنه يقول : ليس للمؤمن خسران البتة حتى يشركه فيه الكافر ويزيد عليه ولم يتفطن لكون المراد أن خسران الكافر في الآخرة أشد من خسرانه في الدنيا فالاشتراك الذي يدل عليه أفعل إنما هو بين ما في الآخرة وما في الدنيا اه كلامه وكأنه يسلم أن ليس للمؤمنن خسران البتة وفيه بحث لايخفى وتقديم في الآخرة إما للفاصلة أو للحصر وقوله تعالى وإنكا لتلقى القرءان كلام مستأنف سيق بعد بيان بعض شؤن القرآن الكريم تمهيدا لما يعقبه من الأقاصيص وتصديره بحرفي التأكيد لابراز كمال العناية بمضمونه وبني الفعل للمفعول وحذف الفاعل وهو جبريل عليه السلام للدلالة عليه في قوله تعالى : نزل به الروح الأمين ولقى المخفف يتعدى لواحد والمضاعف يتعدى لأثنين وهما هنا نائب الفاعل والقرآن والمراد وإنك لتعطى القرآن تلقنه من لدن حكيم عليم
6
- أي أي حكيم وأي عليم وفي تفخيمهما تفخيم لشأن القرآن وتنصيص على علو طبقته عليه الصلاة و السلام في معرفته والاحاطة بما فيه من الجلائل والدقائق والحكمة كما قال الراغب من الله عز و جل معرفة الأشياء وإيجادها على غاية الاحكام ومن الانسان معرفة الموجودات وفعل الخيرات وجمع بينهما وبين العلم مع أنه داخل في معناها لغة كما سمعت لعمومه إذ هو يتعلق بالمعدومات ويكون بلا عمل ودلالة الحكمة على احكام العمل واتقانه وللاشعار بان ما في القرآن من العلوم منها ما هو حكمة كالشرائع ومنها ما هو ليس كذلك كالقصص والأخبار الغيبية
وقوله تعالى إد قال موسى لأهله منصوب على المفعولية بمضمر خوطب النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وأمر بتلاوة بعض القرءان الذي تلقاه صلى الله عليه و سلم من لدنه عز و جل تقريرا لما قبله وتحقيقا له أي اذكر

الصفحة 158