كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 19)

وبالفتحوبالفتح النار فلما جاءها أي النار التي قال فيها إني ءانست نارا وقيل : الضمير للشجرة وهو كما ترى وما ظنه داعيا ليس بداع لما أشرنا اليه نودي أي موسى عليه السلام من جانب الطور أن بورك معناه أي بورك على أن ان مفسرة لما في النداء من معنى القول دون حروفه
وجوز أن تكون أن المخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن ومنعه بعضهم لعدم الفصل بينها وبين الفعل بقد أو السين أو سوف أو حرف النفي وهو مما لابد منه إذا كانت مخففة لما في الحجة لأبي علي الفارسي أنها لما كانت لايليها إلا الاسماء استقبحوا أن يليها الفعل من غير فاصل وأجيب بأن ما ذكر ليس على اطلاقه فقد صرحوا بعدم اشتراط الفصل في مواضع منها ما يكون الفعل فيه دعاء فلعل من جوز كونها المخففة ههنا جعل بورك دعاء على أنه يجوز أن يدعى أن الفصل باحدى المذكورات في غير ما استثنى أعلبي لقوله : علموا أن يؤملون فجادوا قبل أن يسألوا باعظم سؤل وجوز أن يكون المصدرية الناصبة للافعال و بورك حينئذ اما خبر أو إنشاء للدعاء وادعى الرضى أن بورك إذا جعل دعاء فان مفسرة لاغير لأن المخففة لايقع بعدها فعل انشائي اجماعا وكذا المصدرية وهو مختلف لما ذ : ره النحاة ودعوى الاجماع ليست بصحيحة والقول بأنه يفوت معنى الطلب بعد التأويل بالمصدر قد تقدم ما فيه وفي الكشف يمنع عن جعلها مصدرية عدم سداد المعنى لأن بورك إذ ذاك ليس يصلح بشارة وقد قالوا : إن تصدير الخطاب بذلك بشارة لموسى عليه السلام بأنه قد قضي له أمر عظيم تنتشر منه في أرض الشأم كلها البركة وهذا بخلاف ما إذا كان بورك تفسيرا للشأن اه وفيه نظر وعلى الوجهين الكلام على حذف حرف الجر أي نودي بأن الخ والجار والمجرور متعلق بما عنده وليس نائب الفاعل بل نائب الفاعل ضمير موسى عليه السلام وقيل : هو نائب الفاعل ولا ضمير
وقال بعضهم في الوجه الأول أيضا إن الضمير القائم مقام الفاعل ليس لموسى عليه السلام بل هو لمصدر الفعل أي نودي هو أي النداء وفسر النداء بما بعده والأظهر في الضمير رجوعه لموسى وفي أن أنها مفسرة وفي بورك أنه خبر وهو من البركة وقد تقدم معناها وقيل : هنا المعنى قدس وطهر وزيد خيرا من في النار ومن حولها ذهب جماعة إلى أن في الكلام مضافا مقدرا في موضعين أي من في مكان النار ومن حول مكانها قالوا : ومكانها البقعة التي حصلت فيها وهي البقعة المباركة المذكورة في قوله تعالى : نودي من شاطيء الوادي الأيمن في القعة المباركة وتدل على ذلك قراءة أبي تباركت الأرض ومن حولها واستظهر عموم من لكل من في ذلك الوادي وحواليه من أرض الشام الموسومة بالبركات لكونها مبعث الانبياء عليهم السلام وكفاتهم أحياء أو أمواتا ولاسيما تلك البقعة التي كلم الله تعالى موسى عليه السلام فيها
وقيل : من في النار موسى عليه السلام ومن حولها الملائكة الحاضرون عليهم السلام وأيد بقراءة أبي فيما نقل أبو عمرو الداني وابن عباس ومجاهد وعكرمة ومن حولها من الملائكة وهي عند كثير تفسير لاقراءة لمخالفتها سواد المصحف المجمع عليه وقيل : الأول الملائكة والثاني موسى عليه السلام واستغنى بعضهم عن تقدير المضاف بجعل الظرفية مجازا عن القرب التام وذهب الى القول الثاني في المراد

الصفحة 160