كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 19)

أنأن التاء في النملة للوحدة فهي في حكم المؤمنث اللفظي جاز أن تعامل معاملته كتمر وتمرة على ما نص عليه في المفصل ولايشكل بنحو طلحة حيث لم يجز الحاق فعله التاء لأن أسماء الأعلام يعتبر فيها المعنى دون اللفظ خلافا للكوفيين إلى آخر ما ذكره ابن الحاجب ولا نقض باعتبار التأنيث في عقرب ان سمي به مذكر ولا في طلحة نفسه باعتبار منع الصرف على ما ظنه بعض فضلاء ما وراء النهر
وصوبه شيخنا الطيبي لأن اعتبار المعنى فيما هو يرجع الى المعنى لافيما يرجع الى اللفظ والحاق العلامة باعتبار الفاعل إما للتأنيث الحقيقي وأما لشبه التأنيث مع الوحدة أو الجمعية ونحوها فاذأ لم يبق المعنى أعني التأنيث وشبه التأنيث فلا وجه للالحاق وأما منع الصرف فلا نظر فيه إلى معنى التأنيث بل إلى هذه الزيادة لفظا أو تقديرا وذلك غير مختلف في المنقول عنه وكفاك دليلا لاعتبار اللفظ وحده في هذا الحكم تفرقتهم في سقر بين تسمية المذكر به والمؤنث دون عقرب فلو تأمل المناقض لكان ما أورده عليه لا له هذا وان الامام رضي الله تعالى عنه كوفي والقاعدة على أصله مهدومة انتهى وهو كلام متين
والحزم القول بعدم صحة هذ الحكاية فابو حنيفة رضي الله تعالى عنه من عرفت وان كان إذ ذاك غلاما حدثا وقتادة بن دعامة السدوسي باجماع العارفين بالرجال كان بصيرا بالعربية فيبعد كل البعد وقوع ما ذكر منهما والله تعالى أعلم
والحطم الكسر والمراد به الاهلاك والنهي في الظاهر لسليمان عليه السلام وجنوده وهو في الحقيقة نهي على طريق الكناية للنمل عن التوقف حتى تحطم لأن الحطم غير مقدور لها نحو قولك : لا أرينك ههنا فانه في الظأهر نهي المتكلم عن رؤية المخاطب والمقصود نهي المخاطب عن الكون بحيث يراه المتكلم فالجملة استئناف أو بدل اشتمال من جملة ادخلوا مساكنكم وقول بعضهم : إدا كان المعنى النهي عن التوقف حتى تحطم يحصل الاتحاد بين الجملتين يقتضي انه بدل كل من كل بناء على أن الأمر بالشيء عين النهي عن ضده وعلى ما ذكر لاحاجة اليه وبالجملة اعتراض أبي حيان على وجه الابدال باختلاف مدلولي الجملتين ليس في محله وجوز الزمخشري كون لايحطمنكم جوابا للأمر أعني ادخلوا و لا حينئذ نافية وتعقب بان دخول النون في جواب الشرط مخصوص بضرورة الشعر كقوله : مهما تشأ منه فزارة تعطه ومهما تشأ منه فزارة يمنعا وفي الكتاب وهو قليل في الشعر شبهوه بالنهي حيث كان مجزوما غير واجب وأرادت النملة على ما في الكشاف لايحطمنكم جنود سليمان فجاءت بما هو أبلغ ونحو قوله
عجبت من نفسي ومن إشفاقها
حيث أراد عجبت من اشفاق نفسي فجاء بما هو أبلغ للاجمال والتفصيل وتعقب ذلك في البحر بان فيه القول بزيادة الأسماء وهي لاتجوز بل الظأهر اسناد الحطم اليه عليه السلام وإلى جنوده والكلام على حذف مضاف أي خيل سليمان وجنوده أو نحو ذلك مما يصح تقديره وللبحث فيه مجال وجملة وهم لايشعرون حال من مجموع المتعاطفين والضمير لهما
وجوز أن تكون حالا من الجنود والضمير لهم وأيا ما كان ففي تقييد الحطم بعدم الشعور بمكانهم المشعر بانه لو شعروا بذلك لم يحطموا ما يشعر بغاية أدب النملة مع سليمان عليه السلام وجنوده وليت من طعن في اصحاب النبي صلى الله عليه و سلم ورضي الله تعالى عنهم تأسى بها فكف عن ذلك وأحسن الأدب وروي أن سليمان

الصفحة 178