كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 19)

وفي حديث فروةوغيره عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أن سبأ اسم رجل ولد عشرة من الولد تيامن منهم ستة وتشاءم أربعة والستة حمير وكندة والأزد وأشعر وخثعم والاربعة لخم وجذام وعاملة وغسان وقيل : سبأ لقب لأبي الحي من قحطان واسمه عبد شمس وقيل : عامر ولقب بذلك لأنه أول من سبى
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو من سبأ بفتح الهمزة غير مصروف على أنه اسم للقبيلة ثم سميت به مأرب سبأ وبينهما وبين صنعاء مسيرة ثلاث وجوز أن يراد به على الصرف الموضع المخصوص وعلى منع الصرف المدينة المخصوصة وأنشدوا على صرفه قوله : الواردون وتيم في ذرى سبأ قد عض أعناقهم جلد الجواميس وقرأ قنبل من طريق النبال باسكان الهمزة وخرج على اجراء الوصل مجرى الوقف وقال مكي : الاسكان في الوصل بعيد غير مختار ولا قوي وقرأ الاعمش من سباء بكسر الهمزة من غير تنوين حكاها عنه ابن خالويه وابن عطية وخرجت على أن الجر بالكسرة لرعاية ما نقل عنه فانه في الأصل اسم الرجل أو مكان مخصوص وحذف التنوين لرعاية ما نقل اليه فانه جعل اسما للقبيلة أو للمدينة وهو كما ترى وقرأ ابن كثير في رواية من سبى 9 بتنوين الباء على وزن رحى جعله مقصورا مصروفا وذكر أبو معاذ أنه قرأ من سبأى بسكون الباء وهمزة مفتوحة غير منونة على وزن فعلى فهو ممنوع من الصرف للتأنيث اللازم
وروى ابن حبيب عن اليزيدي من سبأ بألف ساكنة كما في قولهم : تفرقوا أيدي سبأ وقرأت فرقة لنبا بالالف عوض الهمزة وكأنها قراءة من قرأ سبا بالألف لتتوازن اللمتان كما توازنت في قراءة من قرأهما بالهمزة المكسورة والتنوين وفي التحرير أن مثل من سبا بنبا يسمى تجنيس التصريف وهو أن تنفرد كل من الكلمتين بحرف كما في قوله تعالى : ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تمرحون وحديث الخيل معقود بنواصيها الخير
وقال الزمخشري : إن قوله تعالى من سبا بنبا من جنس الكلام الذي سماه المحدثون البديع وهو من محاسن الكلام الذي يتعلق باللفظ بشرط أن يجيء مطبوعا أو يصيغه عالم بجوهر الكلام يحفظ معه صحة المعنى وسداده ولقد جاء ههنا زائدا على الصحة فحسن وبدع لفظا ومعنى ألا ترى لو وضع مكانا بنبا بخبر لكان المعنى صحيحا وهو كما جاء أصح لما في النبأ من الزيادة التي يطابقها وصف الحال اه وهذه الزيادة كون الخبر ذا شأن وكون النبا بمعنى الخبر الذي له شأن مما صرح به غير واحد من اللغويين والظاهر أنه معنى وضعي له وزعم بعضهم أنه ليس بوضعي وليس بشيء وقول المحدثين : أنبأنا أحط درجة من أخبرنا غير وارد لأن اصطلاح لهم وقرأ الجمهور فمكث بضم الكاف والفتح قراءة عاصم وأب عمرو في رواية الجعفي وسهل وروح وقرأ أبي فمكث ثم قال وعبد الله فمكث فقال وكلتا القراءتين في الحقيقة على ما في البحر تفسير لاقراءة لمخالفتها سواد المصحف وقريء في السبعة أحطت بادغام التاء في الطاء مع بقاء صفة الاطباق وليس بادغام حقيقي

الصفحة 187