كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 19)

ولا أن يكتب لها منشور بان فلانة مقدمة على الحكم وإنما على سبيل التحكيم لها وأوتيت من كل شيء أي من الأشياء التي تحتاج اليها الملوك بقرينة تملكهم وقد يقال : ليس الغرض إلا إفادة كثرة ما أوتيت
والجملة تحتمل أن تكون عطفا على جملة تملكهم وأن تكون حالا من ضمير تملكهم المرفوع بتقدير قد أو بدونه ولها عرش عظيم
32
- قال ابن عباس كما أخرجه عنه ابن جرير وابن المنذر أي سرير كريم من ذهب قوائمه من جواهر ولؤلؤ حسن الصنعة غالى الثمن وروي عنه أيضا أنه كان ثلاثين ذراعا في ثلاثين ذراعا وكان طوله في السماء ثلاثين ذراعا أيضا وقيل : كان طوله ثمانين في ثمانين وارتفاعه ثمانين
وأخرج ابن أبي حاتم عن زهير بن محمد أنه سرير من ذهب وصفحتاه مرصعتان بالياقوت والزبرجد طوله ثمانون ذراعا في عرض أربعين ذراعا وقيل : كان من ذهب مكللا بالدر والياقوت الأحمر والزبرجد الأخضر وقوائمه من الياقوت والزمرد وعليه سبعة أبيات على كل بيت باب مغلق وقيل : غير ذلك والله تعالى أعلم بحقيقة الحال وبالجملة فالظاهر أن المراد بالعرش السرير وقال أبو مسلم : المراد به الملك ولاداعي اليه واستعظام الهدهد لعرشها مع ما كان يشاهده من ملك سليمان عليه السلام إما بالنسبة إلى حالها أو إلى عروش أمثالها من الملوك وجوز أن يكون ذلك لأنه لم يكن لسليمان عليه السلام مثله وإن كان عظيم الملك فانه قد يوجد لبعض أمراء الأطراف شيء لايكون للملك الذي هم تحت طاعته وأياما كان فوصفه بذلك بين يديه عليه السلام لما ذكر أولا من ترغيبه عليه السلام في الاصغاء إلى حديثه وفيه توجيه لعزيمته عليه السلام نحو تسخيرها ولذلك عقبه بما يوجب غزوها من كفرها وكفر قومها حيث قال : وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله أي يعبدونها متجاوزين عبادة الله تعالى قال الحسن كانوا مجوسا يعبدون الانوار وقيل كانوا زنادقة
والظاهر أن هذه الجملة استئناف كلام وأن الوقف على عظيم قال صاحب المرشد ولا يوقف على عرش وقد زعم بعضهم جوازه وقال معناه عظيم عند الناس وقد أنكر هذا الوقف أبو حاتم وغيره من المتقدمين ونسبوا القائل به الى الجهل وقول من قال معناه عظيم عبادتهم للشمس من دون الله تعالى قول ركيك لايعتد به وليس في الكلام ما يدل عليه وفي الكشاف من نوكي القصاص من وقف على عرش يريد عظيم إن وجدتها فر من استعظام الهدهد عرشها فوقع في عظيمة وهي نسخ كتاب الله تعالى وزين لهم الشيطن أعمالهم التي هي عبادة الشمس ونظائرها من أصناف الكفر والمعاصي والجملة تحتمل العطف على جملة يسجدون والحالية من الضمير على نحو ما مر آنفا فصدهم أي الشيطان وكوز كون الضمير للتزيين المفهوم من الفعل أي فصدهم تزيين الشيطان عن السبيل أي سبيل الحق والصواب فهم بسبب ذلك لايهتدون
42
- اليه وقوله تعالى ألايسجدوا لله أي لئلا يسجدوا واللام للتعليل وهو متعلق بصدهم أو بزين والفاء في فصدهم لايلزم أن تكون سببية لجواز كونها تفريعية أو تفصيلية أي فصدهم عن ذلك لأجل أن لايسجدوا لله عز و جل أو زين لهم ذلك لاجل أن لايسجدوا له تعالى وجوز أن تكون أن وما بعدها في تأويل مصدر وقع بدلا من أعمالهم وما بينها اعتراض كأنه قيل وزين لهم الشيطان عدم السجود لله تعالى وتعقب بانه ظاهر فد عد عدم السجود من الاعمال وهو بعيد وجوز أن يكون ذلك بدلا من السبيل و لا زائدة مثلها في قوله تعالى لئلا يعلم أهل

الصفحة 190