كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 19)

بقدرهبقدره عليه الصلاة و السلام وذكر بعض الأجلة أنها إذا كتبت في الكتب والرسائل فالأولى أن تكتب سطرا وحدها
وفي أدب الكتاب للصولي أنهم يختارون أن يبدأ الكاتب بالبسملة من حاشية القرطاس ثم يكتب الدعاء مساويا لها ويستقبحون أن يخرج الكلام عن البسملة فاضلا بقليل ولا يكتبونها وسطا ويكون الدعاء فاضلا اه وما ذكر من كتابة الدعاء بعدها لم يكن في الصدر الأول وإنما كان فيه كتابة من فلان إلى فلان
وتقديم اسم الكاتب على اسم المكتوب له مشروع وإن كان الأول مفضولا والثاني فاضلا ففي البحر عن أنس ما كان أحد أعظم حرمة من رسول الله صلى الله عليه و سلم وكان أصحابه إذا كتبوا اليه كتابا بدؤا بأنفسهم
وقال أبو الليث في البستان له : ولو بدأ بالمكتوب اليه جاز لأن الأمة قد اجتمعت عليه وفعلوه انتهى
وظاهر الآية أن البسملة ليست من الخصوصيات وقال بعضهم : إنها منها لكن باللفظ العربي والترتيب المخصوص وما في كتاب سليمان عليه السلام لم تكن باللفظ العربي وترجمت لنا به وليس ذلك ببعيد
وقرأ عبد الله وإنه من سليمان بزيادة واو وخرجه أبو حيان على أنها عاطفة للجملة بعدها على جملة إني القي وقيل : هي واو الحال والجملة حالية وقرأ عكرمة وابن أبي عبلة أنه من سليمان وأنه بفتح همزةأن في الموضعين وخرج على الابدال من كتاب أي القي إلي أنه ألخ أو على أن يكون التقدير لأنه الخ كأنها عللت كرم الكتاب بكونه من سليمان وبكونه مصدرا باسم الله عز و جل وقرأ أبي أن منسليمان وأن بسم الله بفتح الهمزة وسكون النون وخرج على أن أن هي المفسرة لأنه قد تقدمت جملة فيها معنى القول أو على أنها المخففة من الثقيلة وحذفت الهاء و أن في قوله تعالى : ألا تعلوا علي يحتمل أن تكون مفسرة ولا ناهية ويحتمل أن تكون مصدرية ناصبة للفعل ولا نافية وقيل : يجوز كونها ناهية أيضا ومحل المصدر الرفع على أنه بدل من كتاب أو خبر لمبتدأ مضمر يليق بالمقام أي مضمونه أن لاتعلوا علي أي أن لاتتكبروا علي كما يفعل جبابرة الملوك وقرأ ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في رواية وهب بن منبه والاشهب العقيلي أن لاتغلوا بالغين المعجمة من الغلو وهي مجاوزة الحد أي أن لاتتجاوزوا حدكم وأتوني مسلمين
13
- عطف على ما قبله فان كانت فيه لا ناهية فعطف الأمر عليه ظاهر وإن كانت نافية وأن مصدرية فعطفه عليه من عطف الانشاء على الاخبار والكلام فيه مشهور والأكثرون على جوازه في مثل هذا والمراد بالاسلام الايمان أي واتوني مؤمنين وقيل : المراد به الانقياد أي ائتوني منقادين مستسلمين والدعوة على الأول دعوة النبوة وعلى الثاني دعوة الملك واللائق بشأنه عليه السلام هو الأول
وفي بعض الآثار كما ستعلم ان شاء الله تعالى ما يؤيده ولا يرد أنه يلزم عليه أن يكون الأمر بالايمان قبل إقامة الحجة على رسالته فيكون استدعاء للتقليد لأن الدعوة المذكورة هي الدعوة التي لاتستدعي إظهار المعجزة وإقامة الحجة وعادة الأنبياء عليهم السلام الدعوة إلى الايمان أولا فاذا عورضوا أقاموا الدليل واظهروا المعجزة وفيما نحن فيه لم يصدر معارضة وقيل : إن الدعوة ما كانت إلا مقرونة باقامة الحجة لأن القاء الكتاب اليها على تلك الحالة التي ذكرت فيما مر أولا معجزة باهرة دالة على رسالته عليه السلام دلالة بينة وتعقب بأن كون الالقاء المذكور معجزة غير واضح خصوصا وهي لم تقارن التحدي ورجح

الصفحة 196