كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 19)
إلى الاسلام فتمادوا في طغيانهم وفي إيذائه عليه السلام فبينما هم حول الرس وهي بئر غير المطوية كما روي عن أبي عبيدة انهارت بهم بدارهم وقال علي كرم الله تعالى وجهه فيما نقله الثعلبي : هم قوم عبدوا شجرة يقال لها : شاة درخت رسوا نبيهم في بئر حفروه له في حديث طويل وقيل : هم أصحاب النبي حنظلة بن صفوان كانوا مبتلين بالعنقاء وهي أعظم ما يكون من الطير وكان فيها من كل لون وسميت عنقاء لطول عنقها وكانت تسكن جبلهم الذي يقال له فتح وتنقض على صبيانهم فتخطفهم إن أعوزها الصيد ولاتيانها بهذا الأمر الغريب سميت مغربا وقيل : لأنها اختطفت عروسا وقيل : : لغروبها أي غيبتها وقيل : لأن وكرها كان عند مغرب الشمس ويقال فيها عنقاء مغرب بالتوصيف والاضافة مع ضم الميم وفتحها فدعا عليها حنظلة فاصابتها الصاعقة فهلكت ثم انهم قتلوا حنظلة فاهلكوا وقيل : هم قوم ارسل اليهم نبي فأكلوه وقيل : قوم نساؤهم سواحق وقيل : قوم بعث اليهم أنبياء فقتلوهم ورسوا عظامهم في بئر وقيل : هم أصحاب الأخدود والرس هو الأخدود وفي رواية عن ابن عباس أنه بئر أذربيجان : وقيل : الرس ما بين نجران الى اليمن إلى حضرموت : وقيل : هو ماء ونخل لنبي أسد وقيل : نهر من بلاد المشرق بعث الله تعالى إلى أصحابه نبيا من أولاد يهوذا بن يعقوب فكذبوه فلبث فيهم زمانا فشكا إلى الله تعالى منهم فحفروا له بئر وأرسلوه فيه وقالوا : نرجو أن ترضى عنا آلهتنا فكانوا عليه يومهم يسمعون أنين نبيهم فدعا بتعجيل قبص روحه فمات وأظلتهم سحابة سوداء أذابتهم كما يذوب الرصاص وروى عكرمة ومحمد بن كعب القرظي عن النبي صلى الله عليه و سلم أن أصحاب الرس أخذوا نبيهم فرسوه في بئر وأطبقوا عليه صخرة فكان عبد أسود قد آمن به يجيء بطعام إلى البئر فيعينه الله تعالى على تلك الصخرة فيرفعها فيعطيه ما يغذيه به ثم يرد الصخرة على فم البئر إلى أن ضرب الله تعالى على أذن ذلك الأسود فنام اربع عشرة سنة وأخرج أهل القرية نبيهم فآمنوا به في حديث طويل ذكر فيه أن ذلك الاسود أول من يدخل الجنة وهذا إذا صح كان القوول الذي لايمكن خلافه لكن يشكل عليه ايرادهم هنا وأجاب عنه الطبري بأنه يمكن أنهم كفروا بعد ذلك فاهلكوا فذكرهم الله تعالى مع من ذكر من المهلكين وملخص الأقوال أنهم قوم أهلكهم الله تعالى بتكذيب من أرسل اليهم وقرونا أي أهل قرون وتقدم الكلام في القرن بين ذلك أي المذكور من الأمم وللتعدد بين من غير عطف كثير
83
- يطول الكلام جدا بذكرها ولا يبعد أن يكون قد علم رسول الله صلى الله عليه و سلم مقدارها وقوله تعالى ومنهم من لم نقصص عليك ليس نصا في نفي العلم بالمقدار كما لايخفى وفي إرشاد العقل السليم لعل الاكتفاء في شؤون تلك القرون بهذا البيان الاجمالي لما أن كل قرن منها لم يكن في الشهرة وغرابة القصة بمثابة الأمم المذكورة
وكلا منصوب بمضمر يدل عليه ما بعده فان ضرب المثل في معنى التذكير والتحذير والمحذوف الذي عوض عنه التنوين عبارة إما عن الامم التي لم تذكر أسباب إهلاكهم وإا عن الكل فان ما حكي عن فرعون وقومه وعن قووم نوح عليه السلام تكذيبهم للآيات والرسل لاعدم التأثر من الأمثال المضروبة أي ذكرنا وأنذرنا كل واحد من المذكورين ضربنا له الأمثال 9 أي بينا لكل القصص العجيبة الزاجرة عما هم عليه من الكفر والمعاصي بواسطة الرسل عليهم السلام وقيل : ضمير له للرسول عليه الصلاة و السلام والمعنى