كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 19)

المضاف فانه من صيغ العموم أو قوله تعالى خبيرا
85
- لأن الخبرة معرفة بواطن الأمور كما ذكره الراغب ومن علم البواطن علم الظواهر بالطريق الأولى فيدل على ذلك مطابقة والتزاما
والظاهر أن بذنوب متعلق بخبيرا وهو حال أو تمييز وباء به زائدة في فاعل كفى وجوز أن يكون بذنوب صلة كفى والجملة مسوقة لتسليته صلى الله عليه و سلم ووعيد الكفار أي أنه عز و جل مطلع على ذنوب عباده بحيث لايخفى عليه شيء منها فيجازيهم عليها ولا عليك ان آمنوا أو كفروا
الذي خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش قد سلف تفسيره ومحل الموصول الجر على أنه صفة أخر للحي ووصف سبحانه بالصفة الفعلية بعد وصفه جل وعلا بالأبدية التي هي من الصفات الذاتية والاشارة إلى اتصافه تعالى بالعلم الشامل لتقرير وجوب التوكل عليه جل جلاله وتأكيده فان من أنشأ هذه الأجرام العظام على هذا النمط الفائق والنسق الرائق بتدبير متين وترتيب رصين في أوقات معينة مع كمال قدرته سبحانه على ابداعها دفعة بحكم جليلة وغايات جميلة لاتقف على تفاصيلها العقول أحق من يتوكل عليه وأولى من يفوض الأمر اليه
وقوله تعالى : الرحمن مرفوع على المدح أي هو الرحمن وهو في الحقيقة وصف آخر للحي كما في قراءة زيد بن عبد الرحمن بالجر مفيد لزيادة تأكيد ما ذكر من وجوب التوكل عليه جل شأنه وإن لم يتبعه في الأعراب لما تقرر من أن المنصوب والمرفوع مدحا وان خرجا عن التبعية لما قبلها صورة حيث لم يتبعاه في الاعراب وبذلك سميا قطعا لكنهما تابعان له حقيقة ألا ترى كيف التزموا حذف الفعل والبتدأ روما لتصوير كل منهما بصورة متعلق من متعلقات ما قبله وتنبيها على شدة الاتصال بينهما وإنما قطعوا للافتنان الموجب لايقاظ السامع وتحريكه إلى الجد في الاصغاء
وجوز أن يكون الموصول في محل نصب على الاختصاص وان يكون في محل رفع على انه خبر مبتدأ محذوف صفة له أو مبتدأ و الرحمن خبره وجوز أن يكون الرحمن بدلا من المستكن في استوى ويجوز على مذهب الأخفش أن يكون الرحمن مبتدأ وقوله تعالى فسئل به خبيرا
95
- خبره على حد تخريجه قول الشاعر
وقائلة خولان فانكح فتاتهم
وهو بعيد والظاهر أن هذه جملة منقطعة عما قبلها اعرابا والفاء فصيحة والجار والمجرور صلة اسأل والسؤال كما يعدى بعن لتضمنه معنى التفتيش يعدى بالباء لتضمنه معنى الاعتناء وعليه قول علقمة بن عبيدة : فان تسألوني بالنساء فانني خبير بادواء النساء طبيب فلا حاجة الى جعلها بمعنى عن كما فعل الأخفش والزجاج والضمير راجع الى ما ذ : ره اجمالا من الخلق واستواء والمعنى ان شئت تحقيق ما ذكر أو تفصيل ما ذكر فاسأل معتنيا به خبيرا عظيم الشأن محيطا بظواهر الأمور وبواطنها وهو الله عز و جل يطلعك على جلية الأمر والمسؤل في الحقيقة تفاصيل ما ذكر لا نفسه إذ بعد بيانه لايبقى الى السؤال حاجة ولا في تعديته بالباء المبنية على تضمينه معنى الاعتناء المستدعي لكون المسؤل أمرا خطيرا مهتما بشأنه غير حاصل للسائل فائدة فان نفس الخلق والاستواء بعد الذكر ليس

الصفحة 38