كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 19)

صالحا مع جريان الصالح والصالحات مجرى الاسم للاعتناء والتنصيص على مغايرته للاعمال السابقة
0 - فأولئك إشارة إلى الموصول والجمع باعتبار معناه كما أن الافراد في الافعال الثلاثة باعتبار لفظه أي فأولئك الموصوفون بالتوبة والايمان والعمل الصالح
يبدل الله في الدنيا سيئاتهم حسنات بأن يمحو سوابق معاصيهم بالتوبة ويثبت مكانها لواحق طاعاتهم كما يشير إلى ذلك كلام كثير من السلف وقيل : المراد بالسيئات والحسنات ملكتهما لأنفسهما أي يبدل عز و جل بملكة السيئات ودواعيها في النفس ملكة الحسنات بأن يزيل الأولى ويأتي بالثانية وقيل : هذا التبديل في الآخرة والمراد بالسيئات والحسنات العقاب والثواب مجازا من باب إطلاق السبب وإرادة المسبب والمعنى يعفو جل وعلا عن عقابهم ويتفضل سبحانه عليهم بدله بالثواب وإلى هذا ذهب القفال والقاضي وعن سعيد بن المسيب وعمرو بن ميمون ومكحول أن ذلك بأن تمحى السيئات نفسها يوم القيامة من صحيفة أعمالهم ويكتب بدلها الحسنات واحتجوا بالحديث الذي رواه مسلم في الصحيح عن أبي ذر قال : ثال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يؤتى بالرجل يوم القيامة فيقال : اعرضوا عليه صغار ذنوبه وينحى عنه كبارها فيقال : عملت يوم كذا وكذا كذا وكذاوهو يقر ولا ينكر وهو مشفق من الكبائر فيقال اعطوه مكان كل سيئة عملها حسنة فيقول : إن لي ذنوبا لم أرها هنا قال : ولقد رأيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه ونحو هذا ما أخرجه ابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله عليه الصلاة و السلام ليأتين ناس يوم القيامة ودوا أنهم استكثروا من السيئأت قيل : من هم قال صلى الله تعالى عليه وسلم الذين يبدل الله تعالى سيئاتهم حسنات ويسمى هذا التبديل كرم العفو وكأنه لذلك قال أبو نواس : تعض ندامة كفيك مما تركت مخافة الذنب السرورا ولعل المراد أنه تغفر سيئاته ويعطى بدل كل سيئة ما يصلح أن يكون ثواب حسنة تفضلا منه عز و جل وتكرما لا أنه يكتب له أفعال حسناته لم يفعلها ويثاب عليها وفي الكلام أبي العالية ما هو ظاهر في إنكار تمني الاستكثار من السيئات فقد أخرج عبد بن حميد عنه أنه قيل له إن أناسا يزعمون أنهم يتمنون أن يستكثروا من الذنوب فقال : ولم ذلك فقيل : يتأولون هذه الآية فاولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان أبو العالية إذا أخبر بما لايعلم قال : آمنت بما أنزل الله تعالى من كتابه فقال ذلك ثم تلا هذ الآية يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا وكأنه ظن أن ما تلاه مناف لما زعموه من التمني ويمكن أن يقال : إن ما دلت عليه تلك الآية يكون قبل الوقوف على التبديل والله تعالى أعلم
وكان الله غفورا رحيما
7
- اعتراض تذييلي مقرر لمضمون ما قبله ومن تاب أي عن المعاصي التي فعلها بتركها بالكلية والندم عليها وعمل صالحا يتلافى به ما فرط منه أو ومن خرج عن جنس المعاصي وإن لم يفعله ودخل في الطاعات فانه يتوب إلى الله أي يرجع اليه سبحانه بذلك متبا
17
- أي رجوعا عظيم الشأن مرضيا عنده تعالى ما حيا للعقاب محصلا للثواب أو فانه يتوب إلى الله تعالى

الصفحة 50