كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 19)

فيها تحية هي أنس الأسرار بالحي القيوم وسلاما وهو سلامة القلوب من خطور القطيعة خالدين فيها حسنت مستقرا ومقاما لأنها مشهد الحق ومحل رضا المحبوب المطلق نسأل الله تعالى أن يمن علينا برضائه ويمنحنا بسرابغ نعمائه وآلائه بحرمة سيد أنبيائه وأحب أحبائه صلى الله عليه و سلم وشرف قدره وعظم
سورة الشعراء
62 - وفي تفسير الامام مالك تسميتها بسورة الجامعة وقد جاء في رواية ابن مردويه عن ابن عباس وعبد لاله ابن الزبير رضي الله تعالى عنهم اطلاق القول بمكيتها وأخرج النحاس عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنها نزلت بمكة سوى خمس آيات من آخرها نزلت بالمدينة والشعراء يتبعهم الغاوون الى أخرها وروي ذلك عن عطاء وقتادة وقال مقاتل : ألم يكن لهم آية الأية مدنية أيضا قال الطبرسي : وعدة آياتها مائتان وسبع وعشرون آية في الكوفي والشامي والمدني الأول ومائتان وست وعشرون في الباقي
ووجه اتصالها بما قبلها اشتمالها على بسط وتفصيل لبعض ما ذكر فيما قبل وفيها أيضا من تسليته صلى الله تعالى عليه وسلم ما فيها وقد افتتحت كلتا السورتين بما يفيد مدح القرآن الكريم وختمتا بايعاد المكذبين به كما لايخفى
بسم الله الرحمن الرحيم طسم
1
- تقدم الكلام في أمثاله اعرابا وغيره والكلام هنا كالكلام هناك بيد أنه أخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب أنه قال في هذا الطاء من ذي الطول والسين من القدوس والميم من الرحمن وأمال فتحة الطاء حمزة والكسائي وأبو بكر وقرأ نافع كما روي عنه أبو علي الفارسي في الحجة بين بين ولم يمل صرفا لأن الألف منقلبة عن ياء فلو أميلت اليها انتقض غرض القلب وهو التخفيف
وروى بعض عنه أنه قرأ كباقي السبعة من غير أمالة أصلا نظرا الى أن الطاء حرف استعلاء يمنع من الامالة وقرأ حمزة باظهار نون سين لأنه في الأصل لكونه أحد أسماء الحروف المقطعة منفصل عما بعده وأدغمها الباقون لما رأوها متصلة في حكم كلمة واحدة خصوصا على القول بالعلمية وقرأ عيسى بكسر الميم من طسم هنا وفي القصص وجاء كذلك عن نافع وفي مصحف عبدالله ط س م من غير أتصال وهي قراءة أبي جعفر تلك آيات الكتاب المبين
2
- إشارة الى السورة وما في ذلك من من معنى البعد للتنبيه على بعد منزلة المشار اليه في الفخامة والمراد بالكتاب القرآن وبالمبين الظاهر إعجازه على أنه من أبان بمعنى بان والكلام على تقدير مضاف أو على أن الاسناد فيه مجازي وجوز أن يكون المبين من أبان المتعدي ومفعوله محذوف أي الاحكام الشرعية أو الحق والاول أنسب بالمقام والمعنى هذه الآيات مخصوصة من القرآن مترجمة باسم مستقل والمراد ببيان كونها بعضا منه وصفها بما اشتهر به الكل من النعوت الجليلة وقيل : الاشارة إلى القرآن والتأنيث لرعاية الخبر والمراد بالكتاب السورة والمعنى ءايت هذا القرءان المؤلف من الحروف المبسوطة كآيات هذه السورة المتحدى بها فانتم عجزتم عن الاتيان بمثل هذه السورة فحكم تلك الآيات كذلك وهو كما ترى ومن الناس من فسر الكتاب المبين باللوح المحفوظ ووصفه بالمبين لاظهاره أحوال الأشياء للملائكة عليهم السلام والأولى ما سمعته أولا لعلك باخع نفسك أي قاتل إياها من شدة الوجد كما قال الليث وأنشد قول الفرزدق :

الصفحة 58