كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 19)

أمرأمر أن أئت أي بأن ائت على أن مصدرية حذف عنها حرف الجر أو أي ائت على أنها مفسرة
القوم الظالمين
1
- بالكفر والمعاصي واستبعاد بني اسرائيل وذبح أبنائهم وليس هذا مطلع ما ورد في حيز النداء وإنما هو ما فصل في سورة طه من قوله تعالى إني أنا ربك إلى قوله سبحانه لنريك من ءاياتنا الكبرى وسنة القرءان الكريم إيراد ما جرى في قصة واحدة من المقالات بعبارات شتى وأساليب مختلفة لاقتضاء المقام ما يكون فيه من العبارات كما حقق في موضعه
قوم فرعون عطف بيان للقوم الظألمين جيء به للايذان بانهم علم في الظلم كان معنى القوم الظالمين وترجمته قوم فرعون وقال أبو البقاء : بدل منه ورجح أبو حيان الأول بانه اقتضى لحق البلاغة لايذانه بما سمعت ولعل الاقتصار على القوم للعلم بأن فرعون أولى بما ذكر وقد خص في بعض المواضع للدلالة على ذلك وجوز أن يقال قوم فرعون شامل له شمول بني آدم آدم عليه السلام ألا يتقون
11
- حال بتقدير القول أي ائتهم قائلا لهم ألا يتقون
وقرأ عبد الله بن مسلم بن يسار وشقيق بن سلمة وحماد بن سلمة وأبو قلابة بتاء الخطاب ويجوز في مثل ذلك الخطاب والغيبة فيقال قل لزيد تعطي عمرا كذا ويعطى عمرا كذا وقريء بكسر النون مع الخطاب والغيبة والأصل بتقونني فحذفت إحدى النونين لاجتماع المثلين وحذفت ياء المتكلم اكتفاء بالكسرة وقول موسى عليه السلام ذلك بطريق النيابة عنه عز و جل نظير ما قوله تعالى وإذا سألك عبادي عني فاني قريب فكأنه قيل : ائتهم قائلا قولي لهم ألا تتقونني وقال الزمخشري هو كلام مستأنف اتبعه عز و جل إرساله اليهم للانذار والتسجيل عليهم بالظلم تعجيبا لموسى عليه السلام من حالهم التي شنعت في الظلم والعسف ومن أمنهم العواقب وقلة خوفهم وحذرهم من أيام الله عز و جل وقراءة الخطاب على طريقة الالتفات اليهم وجبههم وضرب وجوههم بالانكار والغضب عليهم وإجراء ذلك في تكليم المرسل اليهم في معنى إجرائه بحضرتهم والقائه في مسامعهم لأنه مبلغه ومنهيه وناشره بين الناس فلا يضر كونهم غيبا حقيقة في وقت المناجاة وفيه من يدحث على التقوى لمن تدبر وتأمل انتهى واستئناف عليه قيل بياني بتقدير لم هذا الأمر وقيل : هو نحوي إذ لاحاجة إلى هذا السؤال بعد ذكرهم بعنوان الظلم ودفع بالعناية ولعل ما ذكرناه أسرع تبادرا إلى الفهم
وقال أيضا : يحتمل أن يكون لايتقون حالا من الضمير في الظالمين أي يظلمون غير غير متقين الله تعالى وعقابه عز و جل فادخلت همزة الانكار على الحال دلالة على إنكار عدم التقوى والتوبيخ عليه ليفيد إنكار الظلم من طريق الأولى فان فائدة الاتيان بهذه الحال الاشعار بان عدم التقوى هو الذي جرأهم على الظلم
وتعقبه أبو حيان بانه خطأ فاحش لأن فيه مع الفصل بين العامل والمعمول بالأجنبي لزوم أعمال ما قبل : الهمزة فيما بعدها وأجيب بمنع كون الفاصل أجنبيا وأن يتوسع في الهمزة وهو كما ترى وجوز أيضا في ألا يتقون بالياء التحتية وكسر النون أن يكون بمعنى ألا ياناس اتقون نحو قوله تعالى : ألا يسجدوا فتكون ألا كلمة واحدة للعرض ويا ندائية سقطت الفها لالتقاء الساكنين وحذف المنادى وما بعده فعل أمر ويكون اسقاط الألفين مخالفا للقياس ولا يخفى أنه تخريج بعيد وأن الظاهر أن ألا للعرض المضمن الحض على التقوى في جميع القرءات قال استئناف بياني كأنه قيل : فماذا قال موسى عليه السلام فقيل : قال متضرعا الى الله عز و جل

الصفحة 64