كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 19)

السلامالسلام وكان بنوا إسرائيل قد استعبدوا اربعمائة سنة وكانت عدتهم حين أرسل موسى عليه السلام ستمائة وثلاثين الفا على ما ذكره البغوي
قال أي فرعون لموسى عليه السلام بعد ما أتياه وقالا له ما امرا به ويروى أنهما انطلقا إلى باب فرعون فلم يؤذن لهما سنة حتى قال البواب : إن ههنا إنسانا يزعم أنه رسول رب العالمين فقال : ائذن له لعلنا نضحك منه فأذن له فدخلا فاديا اليه الرسالة فعرف موسى عليه السلام فقال له عند ذلك ألم نربك فينا وليدا وفي خبر آخر أنهما أتيا ليلا فقرع الباب ففزع فرعون وقال : من هذا الذي يضرب بابي هذ الساعة فأشرف عليهما البواب فكلمهما فقا له موسى : إنا رسول رب العالمين فأتى فرعون وقال : إن ههنا إنسانا مجنونا يزعم أنه رسول رب العالمين فقال : أدخله فدخل فقال ما قص الله تعالى وأراد اللعين من قوله ألم نربك الخ الامتنان و فينا على تقدير المضاف أي منازلنا والوليد فعيل بمعنى مفعول يقال لمن قرب عهده بالولادة وإن كان على ما قال الراغب : يصح في الاصل لمن قرب عهده أو بعد كما يقال لما قرب عهده بالاجتناء جنى فاذا كبر سقط عنه هذا الاسم وقال بعضهم : كان دلالته على قرب العهد من صيغة المبالغة وكون الولادة لاتفاوت فيها نفسها ولبثت فينا من عمرك سنين
81
- قيل : لبث فيهم ثلاثين سنة ثم خرج إلى مدين وأقام به عشر سنين ثم عاد اليهم يدعوهم إلى الله تعالى ثلاثين سنة ثم بقي بعد الغرق خمسين وقيل : لبث فيهم اثنتي عشرة سنة ففر بعد أن وكز القبطي إلى مدين فأقام به عشر سنين يرعى غنم شعيب عليه السلام ثم ثماني عشرة سنة بعد بنائه على امرأته بنت شعيب فكمل له أربعون سنة فبعثه الله تعالى وعاد اليهم يدعوهم اليه عز و جل والله تعالى أعلم
وقرأ أبو عمرو في رواية من عمرك باسكان الميم والجار والمجرور في موضع الحال من سنين كما هو المعروف في نعت النكرة إذا قدم وفعلت فعلتك التي فعلت يعني قتل القبطي وبخه به بعد ما أمتن وعظمه عليه بالابهام الذي في الموصول وأراد في ذلك القدح في نبوته عليه السلام وقرأ الشعبي فعلتك بكسر الفاء يريد الهيئة وكانت قتلة بالوكز والفتح في قراءة الجمهور لارادة المرة وأنت من الكافرين
91
- أي بنعمتي حيث عمدت إلى قتل رجل من خواصي كما روي عن ابن زيد أو وأنت حينئذ من جملة القوم الذين تدعي كفرهم الآن كما حكي عن السدي وهذا الحكم منه بناء على ما عرفه من ظاهر حاله عليه السلام إذ ذاك لاختلاطه بهم والتقية معهم بعدم الانكار عليهم وإلا فالأنبياء عليهم السلام معصومون عن الكفرة قبل النبوة وبعدها وقيل : كان ذلك افتراء منه عليه عليه السلام واستبعد بانه لو علم بايمانه أولا لسجنه أو قتله والجملة على الاحتمالين في موضع الحال من أحدى التائين في الفعلين السابقين
وجوز أن يكون ذلك حكما مبتدأ عليه عليه السلام بانه من الكافرين بالهيته كما روي عن الحسن أو ممن يكفرون في دينهم حيث كانت لهم آلهة يعبدونهم أو من الكافرين بالنعم المعتادين لغمطها ومن اعتاد ذلك لايكون مثل هذه الجناية بدعا منه فالجملة مستأنفة أو معطوفة على ما قبلها والأولى عندي ما تقدم من جعل الجملة حالا لتكون مع نظيرتها في الجواب على طرز واحد لتعين الحالية هناك ولما يتضمن كلام اللعين أمرين تصدى عليه

الصفحة 68