كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 19)

هناك حذف وايصال والمصارع قيل على ظاهره من الاستقبال وفيه منع ظأهر أن عبدت بني اسرائيل
22
- أي ذللتهم وأتخذتهم عبيدا يقال : عبدت الرجل وأعبدته إدا اتخذته عبدا قال الشاعر : علام يعبدني قومي وقد كثرت فيهم أباعر ماشاؤا أو عبدان وأن وما بعدها في تأويل مصدر مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف والجملة حالية أو مفسرة أو على أنه بدل من تلك أو نعمة أو عطف أو منصوب على أنه بدل من الهاء في تمنها أو مجرور بتقدير الباء السببية أو اللام على أحد القولين في محل ان وما بعدها بعد حذف الجار والقول اةخر أن محله النصب وحاصل الرد إن ما ذ : رت نعمة ظاهرا وهي في الحقيقة نقمة حيث كانت بسبب اذلال قومي وقصدك إياهم بذبح أبنائهم ولولا ذلك لم أحصل بين يديك ولم أكن في مهد تربيتك وقيل : تلك إشارة إلى خصلة شنعاء لايدرى ما هي الا بتفسيرها و أن عبدت عطف بيان لها والمعنى تعبيدك بني اسرائيل نعمة تمنها علي وحاصل الرد انكار ما أمتن به أيضا ويريد حمل الكلام على رد كون ذلك نعمة في الحقيقة قراءة الضحاك وتلك نعمة مالك ان تمنها علي وإلى ذلك ذهب قتادة وكذا الأخفش والفراء إلا أنهما قالا بتقدير همزة الاستفهام للانكار بعد الواو والاصل أو تلك نعمة الخ وأبى بعض النحاة حذف حرف الاستفهام في مثل هذا الموضع وقال أبو حيان : الظاهر أن هذا الكلام إقرار منه عليه السلام بنعمة فرعون كأنه يقول : وتربيتك إياي نعمة على من حيث أنك عبدت غيري وتركتني واتخذتني ولدا لكن لايدفع رسالتي وإلى التأويل ذهب السدي والطبري وليس بذلك
وأيا ما كان فالآية ظاهرة في أن كفر الكافر لايبطل نعمته وذهب بعضهم أن الكفر يبطل النعمة لئلا يجتمع استحقاق المدح واستحقاق الذم وفيه أنه لاضير في ذلك لاختلاف جهتي الاستحقاقين هذا وذهب الزمخشري إلى أن إذا في قوله تعالى فعلتها إذا جواب وجزاء وبين وجه كون الكلام جزاء بقوله : قول وفعلت فعلتك فيه معنى أنك جازيت نعمتي بما فعلت فقال له موسى عليه السلام : نعم فعلتها مجازيا لك تسليما لقوله كان نعمته عنده جديرة بان تجازي بنحو ذلك الجزاء
واعترض بأن هذا لايلائم قوله وأنا من الضالين لأنه يدل على أنه اعترف بأنه فعل ذلك جاهلا أو ناسيا وفي الكشف تحقيق ما ذكره الزمخشري أن الترتيب الذي هو معنى الشرط والجزاء حاصل ولما كانا ماضيين كان ذلك تقديريا كأنه قال : إن كان ذلك كفرانا بنعمتك فقد فعلته جزاء ولكن الوصف أي كونه كفرانا غير مسلم وامده بقوله : وتلك نعمة تمنها وفيه القول بالموجب أيضا وقوله : وأنا من الضالين على هذا كأنه اعتذار ثان أي كنت تستحق ذلك عندي وأيضا كنت من الحائدين عن منهج الصواب لافي اعتقاد استحقاق مكافأة صنيعك بمثل تلك ولكن في الاقدام قبل الاذن من الملك العلام والحاصل أنه نسبه إلى مقابلة الاحسان بالاساءة وقررها بكونه كافرا فأجاب عليه السلام بأن المقابلة حاصلة ولكن أين الاحسان وما كنت كافرا بك فانه عين الهدى بل ضالا في الاقدام على الفعل وما كنت كافرا لنعمة منعم أصلا ولكن كنت فاعلا لذلك خطأ ومنه ظهر أن قوله : وأنا من الضالين لاينافي تقرير الزمخشري بل يؤيده اه

الصفحة 70