كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 19)

استبطاء لهم في الاجتماع وحثا على التبادر اليه هل أنتم مجتمعون
93
- في ذلك الميقات فالاستفهام مجاز عن الحث والاستعجال كما في قول تأبط شرا هل أنت باعث دينار لحاجتنا او عبد رب أخا عون بن مخراق فانه يريد ابعث احدهما الينا سريعا ولا تبطيء به لعلنا نتبع السحرة أي في دينهم إن كانوا هم الغالبين
4
- لاموسى عليه السلام وليس مرادهم بذلك إلا أن لايتبعوا موسى عليه السلام في دينه لكن ساقوا كلامهم مساق الكناية حملا للسحرة على الاهتمام والجد في المغالبة وجوز أن يكون بودهم اتباع السحرة على ما كانوا عليه من الدين ويدعى أنهم كانوا على ما يريد فرعون من الدين
والظأهر أن فرعون غير داخل في القائلين وعلى تقدير دخوله لم يجوز بعضهم إرادة المعنى الحقيقي لهذا الكلام لامتناع اتباع مدعي الالهية السحرة وجوزه أخرون لاحتمال أن يكون قال ذلك لما استولى عليه من الدهشة من أمر موسى عليه السلام كما طلب الأمر ممن حوله لذلك ولعل إتيانهم بان للالهاب وإلا فالأوفق بمقامهم أن يقولوا إذا كانوا هم الغالبين فلما جاء السحرة قالوا لفرعون أئن لنا لأجرا أي لأجرا عظيما إن كنا نحن الغالبين
14
- لاموسى عليه السلام ولعلهم أخرجوا الشرط على اسلوب ما وقع في كلام القائلين موافقة لهم وإلا فلا يناسب حالهم إظهار الشك في غلبتهم
قال فرعون لهم نعم لكم ذلك وإنكم مع ذلك إذا لمن المقربين
24
- عندي قيل : قال لهم : تكونون أول من يدخل علي وشخر من يخرج عني و إذن عند جمع على ما تقتضيه في المشهور الجواب والجزاء ونقل الزركشي في البرهان عن بعض المتأخرين انها هنا مركبة من إذا التي هي ظرف زمان ماض والتنوين الذي هو عوض عن جملة محذوفة بعدها وليست هي الناصبة للمضارع وقد ذهب إلى ذلك في نظير الآية الكافيجي والقاضي تقي الدين بن رزين وأنا ممن يقول بإثبات هذا المعنى لها والمعنى عليه وإنكم إذا غلبتم أو إذا كنتم الغالبين لمن المقربين وقريء نعم بفتح النون وكسر العين وذلك لغة في نعم
قال لهم موسى أي بعد مال له السحرة : إما أن تلقي وإا أن نكون أول من ألقى ألقوا ما أنتم ملقون
34
- لم يرد عليه السلام الأمر بالسحر والتمويه حقيقة فان السحر حرام وقد يكون كفرا فلا يليق بالمعصوم الأمر به بل الاذن بتقديم ما علم بالهام أو فراسة صادقة أو قرائن الحال أنهم فاعلوه البتة ولذا قال ما أنتم ملقون ليتوصل بذلك الى ابطاله
وهذا كما يؤمر الزنديق بتقرير حجته لترد وليس في ذلك الرضا الممتنع فانه الرضا على طريق الاستحسان وليس في الاذن المذكور ومطلق الرضا غير ممتنع وما اشتهر من قولهم : الرضا بالكفر كفر ليس على اطلاقه كما عليه المحققون من الفقهاء والأصوليين فالقوا حبالهم وعصيهم وقالوا أي وقد قالوا عند الالقاء بعزة فرعون أي بقوته التي يمتنع بها من الضيم من قولهم أرض عزاز أي صلبة إنا لنحن الغالبون
44
- لاموسى عليه السلام والظاهر أن هذا قسم منهم بعزته عليه اللعنة على الغلبة وخصوها بالقسم هنا لمناسبتها للغلبة

الصفحة 77