كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 19)

حصان وقيل : أرسل فرعون في أثرهم الف ألف وخمسمائة ألف ملك مسور مع كل ملك ألف وخرج هو في جمع عظيم وكانت مقدمته سبعمائة ألف رجل كل رجل على حصان وعلى رأسه بيضة وهم كانوا على ماروي عن ابن عباس ستمائة الف وسبعين الفا وأنا أقول : إنهم كانوا أقل من عساكر فرعون ولا أجزم بعدد في كلا الجمعين والاخبار في ذلك لاتكاد تصح وفيها مبالغات خارجة عن العادة والمشهور عند اليهود أن بني إسرائيل كانوا حين خرجوا من مصر ستمائة ألف رجل خلا الأطفال وهو صريح ما في التوراة التي بأيديهم
وجوز أن يراد بالقلة الذلة لا قلة العدد بل هي مستفادة من شرذمة يعني أنهم لقلتهم أذلاء لايبالي بهم ولايتوقع غلبتهم وقيل : الذلة مفهومة من شرذمة بناء على أن المراد منها بقية كل شيء خسيس أو السفلة من الناس وقليلون إا صفة لها أو خبر بعد خبر لأن والظأهر ما تقدم
وإنهم لنا لغائظون
55
- لفاعلون ما يغيظنا من مخالفة أمرنا والخروج بغير اذننا مع ما عندهم من أموالنا المستعارة فقد روي أن الله تعالى أمرهم أن يستعيروا الحلي من القبط فاستعاروه وخرجوا به وتقديم لنا للحصر والفاصلة واللام للتقوية أو تنزيل المتعدي منزلة اللازم وانا لجميع حاذرون
65
- أي انا لجمع من عاداتنا الحذر والاحتراز واستعمال الجزم في الأمور أشار أولا إلى عدم ما يمنع اتباعهم من شوكتهم ثم الى تحقق ما يدعوا اليه من فرط عداوتهم ووجوب التيقظ في شأنهم حثا عليه أو اعتذار بذلك الى أهل المدائن كيلا يظن به عليه اللعنة ما يكسر سلطانه
وقرأ جمع من السبعة وغيرهم حذرون بغير الف وفرق بين حاذر بالألف وحذر بدونها بان الأول اسم فاعل يفيد التجدد والحدوث والثاني صفة مشبهة تفيد الثبات وقريب منه ما روي عن الفراء والكسائي أن الحذر من كان الحذر في خلقته فهو متيقظ منتبه وقال أبو عبيدة : هما بمعنى واحد وذهب سيبويه الى أن حذرا يكون للمبالغة وأنه يعمل كما يعمل حاذر فينتصب المفعول به وأنشد : حذر امورا لاتضير وآمن ما ليس منجيه من الأقدار وقد نوزع في ذلك بما هو مذكور في كتب النحو وعن ابن عباس وابن جبير والضحاك وغيرهم ان الحاذر التام السلاح وفسروا ما في الآية بذلك وكأنه بمعنى صاحب حذر وهي ءالة الحرب سميت بذلك مجازا وحمل على ذلك قوله تعالى خذوا حذركم وقرأ سميط بن عجلان وابن أبي عمار وابن السميقع حادرون بالالف والدال المهملة من قولهم : عين حدرة أي عظيمة وفلان حادر أي متورم قال ابن عطية : والمعنى ممتلئون غيظا وأنفة وقال ابن خالويه : الحادر السمين القوي الشديد والمعنى أقوياء أشداء ومنه قول الشاعر : أحب الصبي السوء من أجل أمه وأبغضه من بغضها وهو حادر وقيل : المعنى تامو السلاح على هذه القراءة أيضا أخذا من الحدارة بمعنى الجسامة والقوة فان تام السلاح يتقوى به كما يتقوى بأعضائه و جميع علد جميع القراآت والمعاني بمعنى الجمع وليست التي يؤكد بها كما أشرنا اليه ولو كانت هي المؤكدة لنصبت فأخرجناهم أي فرعون وجنوده أي خلقنا فيها داعية الخروج بهذا

الصفحة 82