كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 19)

بالبربالبر فيكون هذا المسلكخارج الطود الأول وانكشافها بين الفرق الثاني عشر والبحر الباقي على حاله المتصل بالبر من الجانب الأخر فيكون هذا المسلك خارج الفرق الثاني عشر وعلى هذا الاحتمال يلزم تعطل أحد المسالك أو التزام سلوك من آمن من القبط فقط فيه ويحتمل أن تكون المسالك اثني عشر كالفروق بأن يكون الانكشاف بين الفرق الأول والبحر الباقي على حاله المتصل بالبر من جهة فرعون وجنوده فقط أو يكون الانكشاف بين الفرق الثاني عشر والبحر الباقي على حاله من الجانب الآخر فقط وهذا بعيد لعظم هذا القوس المنكشف جدا وطول زمان قطعه فالظاهر وقوع احتمال كون الانكشاف بين الفرق الأول والبحر الباقي على حاله من جهة فرعون وبالجملة احتمال انفصال الفرقين الأول والأخير وكون الانكشاف بين الأول والبحر مما يلي فرعون دون الأخير والبحر مما يلي الجانب الآخر واتحاد المسالك والفروق في كون كل اثني عشر هو الأقرب للوقوع اه
ولايخفى أنه يلزم عليه أن لايكون جميع المسالك في خلال الفروق فان لم يتعين القول بكون جميعها فيه إذ ليس في الآثار أكثر من كون المسالك اثني عشر مسلكا فلا بأس به وان استحسنت ما تقدم عن بعض الأجلة في المراد بالفرق فاعتبره على تقدير كون الانفلاق قوسيا أيضا ثم إن ما ذكر من كون الخروج من جهة الدخول لم أره في غير ما ينسب إلى كليات أبي البقاء وهو أوفق بالقول برجوع موسى عليه السلام وقومه إلى مصر بعد الخروج من البحر واغراق فرعون وجنوده فيه وتوقف ذلك على كون الانفلاق قوسيا لأنه لو كان خطيا يلزم أن يكون الرجوع في طريق الدخول وهو ظاهر البطلان لأن الأعداءفي أثرهم واحتمال أن تكون المسالك الخطية ثلاثة عشر وأن بني اسرائيل سلكوا اثني عشر منها واتبعهم فرعون وجنوده وخرجوا قبل أن يصلوا اليهم ودخلوا جميعا في المسلك الثالث عشر من الجانب المخالف لجانب دخولهم متوجهين فيه إلى جانب دخولهم فلم يخرجوا حتى صار جميع أعدائهم في تلك المسالك الاثني عشر التي اتبعوهم فيها فخرجوا وغشي أعداءهم من اليم ما غشيهم لايخفى ما فيه والقول بالعود إلى مصر مع القول بأن الانفلاق كان خطيا يتوقف على هذا أو على الانفلاق مرة أخرى أو على العبور بالسفن أو سلوك طريق الى مصر غير الطريق الذي سلكوه خارجين منها إلى البحر
والظأهر أنه لم يكن شيء من ذلك ولا بأس على ما قيل بالقول بكون الانفلاق قوسيا سواء قلنا بالرجوع إلى مصر أم لا وما يقال عليه من أنه يلزم حينئذ أن تكون مداخل تلك المسالك ومخارجها في جانب فرعون وجنوده وذلك مما يوجب خوف بني اسرائيل من الدخول لاحتمال أن يدخل عليهم اعداؤهم من الطرف الآخر الذي هو محل الخروج فيلاقوهم في الطريق على طرف الثمام كما لايخفى على ذوي الأفهام
وجوز على القول بان الانفلاق كان قوسيا أن يكون دخول موسى عليه السلام وقومه من أحد طرفي القوس دخول فرعون وجنوده منن الطرف اةخر ليلاقوا موسى عليه السلام وقومه حتى إذا كمل الجمعان دخولا رجع موسى عليه السلام وقومه القهقري حتى إذا خرجوا جميعا أغرق الله تعالى فرعون وجنوده أو حتى إذا كمل جمع موسى عليه السلام دخولا وبان لهم أول الداخلين لملاقاتهم رجعوا القهقري حتى إذا خرجوا جميعا وقد كمل جمع فرعون دخولا أهلك الله تعالى عدوهم فغشيه من اليم ما غشيه وهو كما ترى

الصفحة 88