كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 19)

والذيوالذي ذهب اليه أهل الكتاب أن الانفلاق كان خطيا وأن المسالك اثني عشر مسلكا لكل سبط مسلك ولا تقبيب هنالك وأنه قد فتحت لهم كوى ليروى القريب قريبه ويرى الرجل من سبط زوجته من سبط آخر وأنهم خرجوا من الجهة المقابلة لجهة دخولهم وتوجهوا إلى أرض الشام وليس في كتابنا ما نص في تكذيبه بل في الاخبار ما يشهد بصحة بعضه واتحاد الفروق والمسالك في العدد يحتاج إلى نقل صحيح يثبته واةية هنا لاتدل على أكثر من تعدد الفروق والله تعالى أعلم وحكى يعقوب عن بعض القراء أنه قرأ كل فلق باللام بدل الراء قال الراغب : الفرق يقارب الفلق لكن الفلق يقال اعتبارا بالانشقاق والفرق يقال اعتبار بالانفصال ومنه الفرقة للجماعة المنفردة من الناس وأزلفنا عطف على أوحينا وقيل : على محذوف يقتضيه السياق والتقدير فادخلنا بني اسرائيل فيما انفلق منن البحر وأزلفنا ثم أي هنالك الآخرين
46
- أي فرعون وجنوده أي قربناهم من قوم موسى عليه السلام حتى دخلوا على أثرهم مداخلهم وجوز أن يراد قربنا بعضهم من بعض وجمعناهم لئلا ينجو منهم أحد
أخرج ابن عبد الحكم عن مجاهد قال : كان جبريل عليه السلام بين الناس بين بني اسرائيل وبين آل فرعون فجعل يقول لنبي اسرائيل ليلحق آخركم بأولكمويستقبل آل فرعون فيقول : رويدكم ليلحقكم شخركم فقالت بنو اسرائيل : ما رأينا سائقا أحسن سياقا من هذا وقال آل فرعون : مارأينا وازعا أحسن زعة من هذا وقرأ الحسن وأبو حيوة وزلفنا بدون همزة وقرأ أبي وابن عباس وعبد الله بن الحرث وأزلقنا بالقاف عوض الفاء أي أزلقنا أقدامهم والمعنى اذهبنا عزهم كقوله : تداركتما عبسا وقد ثل عرشها وذبيان إذ زلت باقدامها النعل ويحتمل أن يجعل الله تعالى طريقهم في البحر على خلاف ما جعله لبني إسرائيل يبسا فيزلقهم فيه
هذا وقال صاحب اللوامح : قيل من قرأ بالقاف أراد بالآخرين فرعون وقومه ومن قرأ بالفاء أراد بهم موسى عليه السلام وأصحابه أي جمعنا شملهم وقربناهم بالنجاة ولا يخفى أنه يبعد أرادة موسى عليه السلام وأصحابه من الآخرين قوله سبحانه وأنجينا موسى ومن معه أجمعين
56
- أي وأنجيناهم من الهلاك في أيدي أعدائهم ومن الغرق في البحر بحفظه على تلك الهيئة إلى أن خرجوا إلى البر وقيل : ومن معه للاشارة إلى أن انجاءهم كان ببركة مصاحبة موسى عليه السلام ومتابعته وقيل : لينتظم من آمن به عليه السلام من القبط إذ لو قيل وقومه لتبادر منه بنو إسرائيل وفيه بحث ثم أغرقنا الآخرين
66
- فرعون وجنوده باطباق البحر عليهم بعد خروج موسى عليه السلام ومن معه وكان له وجبة روي عن ابن عباس أن بني اسرائيل لما خرجوا سمعوا وجبة البحر فقالوا : ما هذافقال موسى عليه السلام : غرق فرعون وأصحابه فرجعوا ينظرون فألقاهم البحر على الساحل والتعبير عن فرعون وجنوده بالآخرين للتحقير والظأظهر ان ثم للتراخي الزماني ولعل الاولى حملها على التراخي المعنى لما بين المعطوفين من المباعدة المعنوية إن في ذلك اشارة إلى ما ذكر من القصة وما فيه من معنى البعد لتعظيم شأن المشار اليه وقيل : لبعد المسافة بالنظر إلى مبدأ القصة لآية أي لآية عظيمة توجب الايمان بموسى عليه السلام وتصديقه بما جاء به وأريد بها على ما قيل انقلاب العصا ثعبانا وخروج يده عليه

الصفحة 89