كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 19)

له لوط عليه السلام فتأمل انتهى ولايخفى ما فيه من الغث والسمين
وأنا أختار كما اختار شيخ الاسلام رجوع الضمير إلى قوم نبينا عليه الصلاة و السلام وأول السورة الكريمة وآخرها في الحديث عنهم وتسليته صلى الله عليه و سلم عما قالوه في شأن كتابه الاكرم ونهيه صريحا واشارة ان يذهب بنفسه الشريفة عليهم حسرات وكل ذلك يقتضي اقتضاء لاريب فيه رجوع الضمير الى قومه عليه الصلاة و السلام ويهون أمر عدم رجوعه إلى الأقرب لفظا ويكن الارتباط على هذا بين لآيات أقوى
وأختار أن الاشارة إلى ما تضمنته القصة وان المعنى ان فيما تضمنته هذه القصة لآية عظيمة دالة على ما يجب على قومك الايمان به من شؤنه عز و جل وما كان أكثرهم مؤمنين بذلك وكذا يقال في جميع ما يأتي أن شاء الله تعالى وكل ذلك على نمط ما تقدم وكذا الكلام في كان وما يتعلق بالجملة
والكلام في قوله تعالى وإن ربك لهو العزيز الرحيم
86
- كالكلام فيما تقدم أيضا ولعل تخريج ما ذكر على هذا الوجه أحسن من تخريج شيخ الاسلام فتأمل والله تعالى أعلم بحقائق ما أنزل من الكلام
واتل عليهم عطف على المضمر العامل في إد نادى الخ أي أذكر ذلك لقومك وأتل عليهم نبأ ابراهيم
96
- أي خبره العظيم الشأن حسبما أوحي اليك ليتأكد عندك لعدم تأثرهم بما فيه العلم بشدة عنادهم وتغيير الاسلوب لمزيد الاعتناء بامر هذه القصة لأن عدم الايمان بعد وقوفهم على ما تضمنته أقوى دليل على شدة شكيمتهم لما أن ابراهيم عليه السلام جدهم الذي يفتخرون بالانتساب اليه والتأسي به عليه السلام إذ قال منصوب على الظرفية لنبأ على ماذهب اليه أبو البقاء أي نبأه وقت وقوله لأبيه وقومه أو على المفعولية لاتل على أنه بدل من نبأ على ما يقتضيه كلام الحوفي أي اتل عليهم وقت قوله لهم ماتعبدون
7
- على أن المتلو ما قاله عليه السلام في ذلك الوقت وضمير قومه عائد على ابراهيم وقيل : عائد على أبيه ليوافق قوله تعالى إني أراك وقومك في ضلال مبين ويلزم عليه التفكيك
وسألهم عليه السلام عما يعبدون ليبني على جوابهم أن ما يعبدون بمعرل عن استحقاق العبادة بالكلية لا للاستعلام إذ ذلك معلوم مشاهد له عليه السلام قالوا نعبد أصناما فنظل لها عاكفين
17
- لم يقتصروا على الجواب الكافي بأن يقولوا أصناما كما في قوله تعالى ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو إلى غير ذلك بل أطنبوا فيه باظهار الفعل وعطف دوام عكوفهم على أصنامهم مع أنه لم يسأل عنه قصدا إلى إبراز ما في نفوسهم الخبيثة من الابتهاج والافتخار بذلك وهو على ما في الكشف من الاسلوب الأحمق والمراد بالظلول الدوام كما في قولهم : لو ظل الظلم هلك الناس وتكون ظل على هذا تامة وقد قال بمجيئها كذلك ابن مالك وأنكره بعض النحاة وقيل : فعل الشيء نهارا فقد كانوا يعبدونها بالنهار دون الليل فتكون ظل على هذا ناقصة دالة على ثبوت خبرها لاسمها في النهار
واختار بعض الأجلة الأول لتبادر الدوام وكونه أبلغ مناسبا لمقام الابتهاج والافتخار واختار الزمخشري الثاني لأنه أصل المعنى وهو مناسب للمقام أيضا لأنه يدل على اعلانهم الفعل لافتخارهم به و عاكفين على الأول حال وعلى الثاني خبر والجار متعلق به وايراد اللام دون على لافادة معنى زائد كأنهم قالوا : نظل لأجلها

الصفحة 93