كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 19)

مقبلين على عبادتها أو مستديرين حولها وهذا أيضا على ما قيل من جملة اطنابهم قال استئناف مبني على سؤال نشأ من تفصيل جوابهم هل يسمعونكم دخل فعل السماع على غير مسموع ومذهب الفارسي أنه حينئذ يتعدى إلى إثنين ولابد أن يكون الثاني مما يدل على صوت فالكاف هنا عنده مفعول أول والمفعول الثاني محذوف والتقدير هل يسمعونكم تدعون وحذف لدلالة قووله تعالى : إد تدعون
27
- عليه ومذهب غيره أنه حينئذ متعد إلى واحد وإذا وقعت بعده ملفوظة أو مقدرة فهي في موضع الحال منه إن كان معرفة وفي موضع الصفة له إن كان نكرة
وجوز فيه البدلية أيضا واذا دخل على مسموع تعدى إلى واحد اتفاقا ويجوز أن يكون ما هنا داخلا على ذلك على أن التقدير هل يسمعون دعاءكم فحذف المضاف لدلالة إذ تدعون أيضا عليه وقيل : السماع هنا بمعنى الاجابة كما في قوله صلى الله عليه و سلم اللهم انى أعوذ بك من دعاء لايسمع ومنه قوله عز و جل إنك سميع الدعاء أي هل يجيبونكم وحينئذ لانزاع في أنه متعد لواحد ولا يحتاج الى تقدير مضاف والأولى ابقاؤه على ظاهر معناه فانه أنسب بالمقام نعم ربما يقال : ان ما قيل أوفق بقراءة قتادة ويحيى بن يعمر يسمعونكم بضم الياء وكسر الميم من أسمع والمفعول الثاني محذوف تقديره الجواب و إذ ظرف لما مضى وجيء بالمضارع لاستحضار الحال الماضية وحكايتها واما كون هل تخلص المضارع للاستقبال فلا يضر هنا لأن المعتبر زمان الحكم لازمان التكلم وهو هنا كذلك لأن السماع بعد الدعاء وقال أبو حيان : لابد من التجوز في إذ بأن تجعل بمعنى إذا أو التجوز في المضارع بأن يجعل بمعنى الماضي واعتبار الاستحضار أبلغ في التبكيت وقريء بادغام ذال إذ في تاء تدعون وذلك بقلبها تاء وادغامها في التاء
أوينفعونكم بسبب عبادتكم لهم أو يضرون
37
- أي يضرونكم بترككم لعبادتهم إذ لابد للعبادة لاسيما عند كونها على ما وصفتم من المبالغة فيها من جلب نفع أو دفع ضر وترك المفعول للفاصلة ويدل عليه ما قبله وقيل المراد أو يضرون من أعرض عن عبادتهم كائنا من كان وهو خلاف الظاهر الذي يقتضيه العطف
قالوا بل وجدنا ءاباءنا كذلك يفعلون
47 - أضربوا عن أن يكون لهم سمع أو نفع أو ضرا اعترافا بما لاسبيل لهم إلى انكاره واضطروا إلى إظهار أن لاسند لهم سوى التقليد فكأنهم قالوا لايسمعون ولاينفعوننا ولايضرون وإنما وجدنا آباءنا يفعلون مثل فعلنا ويعبدونهم مثل عبادتنا فاقتدينا بهم وتقديم المفعول المطلق للفاصلة
قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون
57
- أي انظرتم فأبصرتم أو تاملتم فعلمتم أي شيء استدمتم على عبادته أو أي شيء تعبدونه أنتم وءاباؤكم الأقدمون
67
- والكلام انكار وتوبيخ يتضمن بطلان آلهتهم وعبادتها وأن عبادتها ضلال قديم لافائدة في قدمه الا ظهور بطلانه كما يؤذن بهذا وصف آبائهم بالاقدمين وقوله تعالى فانهم عدو لي قيل : تعليل لما يفهم من ذلك من إني لاأعبدهم أو لاتصح عبادتهم وقيل : خبر لما كنتم إذ المعنى أفأخبركم وأعلمكم قيل : تعليل لما يفهم من ذلك من إني لاأعبدهم أو لاتصح عبادتهم وقيل : خبر لما كنتم إذ المعنى أفاخبركم وأعلمكم بمضمون هذا واختار بعض الاجلة أنه بيان وتفسير لحال ما يعبدونه التي لو أحاطوا بها علما لما عبدوه أي فاعلموا أنهم أعداء لعابديهم الذين يحبونهم كحب الله تعالى لما أنهم يتضررون من جهتهم تضرر الرجل من جهة عدوه فاطلاق العد عليهم من باب التشبيه البليغ

الصفحة 94