كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 19)

الانسان في المطعم وغيره كذلك الموت الناشيء عن سبب هذا المرض الذي يكون بتفريط الانسان وقد أضاف عليه السلام الاماتة مطلقا اليه عز شأنه
وقال بعض الأجلة بعد التعليل بحسن الأدب في وجه إسناد الاماتة اليه تعالى : إنها حيث كانت معظم خصائصه عز و جل كالاحياء بدءا وإعادة وقد نيطت أمور الآخرة جميعا بها وبما بعدها من البعث نظمهما في سمط واحد في قوله : والذي يميتني ثم يحيين على أن الموت لكونه ذريعة الى نيله عليه السلام للحياة الأبدية بمعرل من أن يكون غير مطبوع عنده عليه السلام انتهى وأولى من هذه العلاوة ما قيل : إن الموت لأهل الكمال وصلة نيل المحاب الأبدية التي يستحقر دونها الحياة الدنيوية وفيه تخليص العاصي من اكتساب المعاصي ثم ان حمل المرض والشفاء على ما هو الظاهر منهما هو الذي ذهب اليه المفسرون وعن جعفر الصادق رضي الله تعالى عنه أن المعنى وإذا مرضت بالذنوب فهو يشفيني بالتوبة ولعله لايصح وإن صح فهو من باب الاشارة لا العبارة و ثم في قوله ثم يحيين للتراخي الزماني لأن المراد بالاحياء للبعث وهو متراخ عن الاماتة في الزمان في نفس الأمر وإن كان كل آت قريب وأثبت ابن أبي إسحق ياء المتكلم في يهديني وما بعده وهي رواية عن نافع والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين
28
- استعظم عليه السلام ماعسى يندر منه من فعل خلاف الاولى حتى سماه خطيئة وقيل : أراد بها قوله : إني سقيم وقوله : بل فعله كبيرهم هذا وقوله لسارة هي أختي ويدل على أنه عليه السلام عدها من الخطايا ما ورد في حديث الشفاعة من امتناعه عليه السلام من أن يشفع حياء من الله عز و جل لصدور ذلك عنه وفيه أنه وإن صح عدها من الخطايا بالنظر اليه عليه السلام لما قالوا : إن حسنات الأبرار سيئات المقربين إة أنه لايصح إرادتها هنا لما أنها إنما صدرت عنه عليه السلام بعد هذ المقاولة الجارية بينه وبين قومه أما الثالثة فظاهرة لوقوعها بعد مهاجرته عليه السلام الى الشام وأما الاوليان فلأنهما وقعتا مكتنفتين بكسر الأصنام ومن البين أن جريان هذ المقالات فيما بينهم كان في مباديء الأمر وهذا أولى مما قيل : انها من المعاريض وهي لكونها في صورة الكذب يمتنع لها من تصدر عنه من الشفاعة ولكونها ليست كذبا حقيقة لاتفتقر الى الاستغفار فلا يصح إرادتها هنا لأن ذلك الامتناع ليس إلا لعده إياها من الخطايا ومتى عدت منها افتقرت الى الاستغفار وقيل : أراد بها ما صدر عنه عند رؤية الكوكب والقمر والشمس من قوله : هذا ربي وكان ذلك قبل هذه المقاولة كما لايخفى وقد تقدم أن ذلك ليس من الخطيئة في شيء وقيل : أراد بها ما عسى يندر منه من الصغائر وهو قريب مما تقدم وقيل : أراد بها خطيئة من يؤمن به عليه السلام كما قيل نحوه في قوله تعالى : ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر وهو كما ترى والطمع على ظاهره ولم يجزم عليه السلام لعلمه أن لاوجوب على الله عز و جل وعن الحسن أن المراد به اليقين وليس بذاك والظرفان متعلقان بيغفر
والاتيان بالأول للاشارة الى أن نفع مغفرته تعالى إنما يعود اليه عليه السلام وتعليق المغفرة بيوم الدين مع أن الخطيئة إنما تغتفر في الدنيا لأن أثرها يتبين يومئذ ولأن في ذلك تهويلا لذلك اليوم وإشارة الى وقوع الجزاء فيه إن لم تغفر وفي هذه الجملة من التلطف بأبيه وقومه في الدعوة الى الايمان ما فيها وقرأ الحسن

الصفحة 97