كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 20)

فقيل لهم : بلى ايجابا لما نفوا ثم استؤنف بعده الاستفهام وعودل بقوله تعالى : بل هم في شك منها بمعنى أم هم في شك منها لأن حروف العطف قد تتناوب وكف عن الجملتين بقوله تعالى : بل هم منها عمون اه يعني أن المعنى أأدرك علمهم بالآخرة أم شكوا قبل بمعنى أم عودل بها الهمزة وتعقبه في البحر بأن جعل بل بمعنى أم ومعادلتها لهمزة الاستفهام ضعيف جدا وقال بعض المحققين : ما فيه بلى فاثبات لشعورهم وتفسير له بالادراك على وجه التهكم الذي هو أبلغ وجوه النفي والانكار وما بعده من قوله تعالى : بل هم في شك الخ إضراب عن التفسير مبالغة في النفي ودلالة على أن شعورهم بها أنهم شاكون فيها بل أنهم منها عمون فهو على منوال
تحية بينهم ضرب وجيع
أو رد وانكار لشعورهم على أن الاضراب إبطالي فافهم وقوله تعالى : وقال الذين كفروا ءإذا كنا ترابا وءآباؤنا أئنا لمخرجون
67
- كالبيان لجهلهم بالآخرة وعماهم منها ووضع الموصول موضع ضميرهم لذهم بما في حيز صلته والاشعار بعلة حكمهم الباطل الذي تضمنه مقول القول وإذا ظرف لمحذوف دل عليه مخرجون أي أنخرج إذا كنا ترابا ولا مساغ لأن يكون ظرفا لمخرجون لأن كلا من الهمزة وإن واللام على ما قيل : مانعة من عمل مابعدها فيما قبلها فكيف بها إذا اجتمعت ولم يعتبر بعضهم اللام مانعة بناءا على ما قرر في النحو من جواز تقدم معمول خبر إن المقرون باللام عليه نحو إن زيدا طعامك لآكل ويكفي حينئذ مانعان وأظن أن من قال : يتوسع في الظروف ما يتوسع في غيرها لايقول باطراد الحكم في مثل هذا الموضع ومرادهم بالاخراج الاخراج من القبور وجوز أن يكون الاخراج من حال الفناء إلى الحياة والاول هو الظأهر وتقييد الاخراج بوقت كونهم ترابا ليس لتخصيص الانكار بالاخراج حينئذ فقط فانهم منكرون للاحياء بعد الموت مطلقا وإن كان البدن على حاله بل لتقوية الانكار بتوجيه إلى الاخراج في حالة منافية له بزعمهم وقوله سبحانه : وآباؤنا عطف على أسم كان واستغنى بالفصل بالخبر عن الفصل بالتأكيد وتكرير الهمزة في أئنا للمبالغة والتشديد في الانكار وتحلية الجملة بأن واللام لتأكيد الانكار لا لانكار التأكيد كما يوهمه النظم الكريم فان تقديم الهمزة لاصالتها في الصدارة والضمير في أئنا لهم ولآبائهم لأن الكون ترابا قد تناولهم وآبائهم وقرأ ابن كثير وأبو عمرو أئذا وأئنا بالجمع بين الاستفهامين وقلب الثانية ياءا وفصل بينهما بألف أبو عمرو
وقرأ نافع إذا بهمزة واحدة مكسورة فهمزة الاستفهام مقدرة مع الفعل المقدر لأن المعنى ليس على الخبر و آينا بهمزة الاستفهام وقلب الثانية ياءا وبينهما مدة وقرأ آخرون أئذا باستفهام ممدود أننا بنونين من غير استفهام لقد وعدنا هذا أي الاخراج المذكور نحن وءاباؤنا من قبل أي من قبل وعد محمد صلى الله تعالى عليه وسلم وتقديم الموعود على نحن هنا للدلالة على أنه هو الذي تعمد بالكلام وقصد به حتى كأن ما سواه مطروح وعلاوة له كما ينبيء عن ذلك ذكر ما صدر منهم أنفسهم مؤكدا مقررا مكررا وتأخيره عنه في آية سورة المؤمنين لرعاية الأصل ولا مقتضى للعدول إذ لم يذكر هناك سوى اتباعهم أسلافهم في الكفر وإنكار البعث من غير نعي ذلك عليهم والجملة استئناف مسوق لتقرير الانكار وتصديرها بالقسم لمزيد التأكيد وقوله تعالى : إن هذا إلا أسطير الأولين
86
- تقرير إثر تقرير
قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عقبة المجرمين
96
- بسبب تكذيبهم الرسل عليهم الصلاة والسلام

الصفحة 15