كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 20)

وقالوقال الطبرسي : المعنى لا تخف علينا وعليك ولا تحزن بما نفعله بقومك إنا منجوك وأهلك فلا يصيبكم ما يصيبهم من العذاب إلا امرأتك إنها كانت في علم الله تعالى من الغابرين
33
- وقرأ حمزة والكسائي ويعقوب لننجينه ومنجوك بالتخفيف من الانجاء ووافقهم ابن كثير في الثاني
وقرأ الجمهور بشد نون التوكيد وفرقة بتخفيفها وأيا ما كان فمحل الكاف من منجوك الجر بالاضافة ولذا حذفت النون عند سيبويه و اهلك منصوب على إضمار فعل أي وننجي أهلك وذهب الأخفش وهشام إلى أن الكاف في محل النصب واهلك معطوف عليه وحذفت النون لشدة طلب الضمير الاتصال بما قبله للاضافة وقال بعض الأجلة : لا مانع من ان يكون لمثل هذا الكاف محلان الجر والنصب ويجوز العطف عليها بالاعتبارين وقرأ نافع وابن كثير والكسائي سيء باشمام السين الضم وقرأ عيسى وطلحة سوء بضمها وهي لغة بني هذيل وبني دبير يقولون في نحو قيل وبيع قول وبوع وعليه قوله : حوكت على نولين إذ تحاك تحتبط الشوك ولا تشاك إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزا من السماء استئناف مسوق لبيان ما أشير اليه بوعد التنجية من نزول العذاب عليهم والرجز العذاب الذي يقلق المعذب أي يزعجه من قولهم : ارتجز إذا ارتجس واضطرب وقرأ ابن عامر منزلون بالتشديد وابن محيصن رجزا بضم الراء بما كانوا يفسقون
43
- أي بسبب فسقهم المعهود المستمر وقرأ أبو حيوة والاعمش بكسر السين ولقد تركنا منها أي من القرية على ما عليه الأكثر ءآية بينة قال ابن عباس : هي آثار ديارهم الخربة وقال مجاهد : هي الماء الأسود على وجه الأرض وقال قتادة : هي الحجارة التي امطرت عليهم وقد أركتها أوائل هذه الأمة وقال أبو سليمانالدمشقي : هي أن أساسها أعلاها وسقوفها أسفلها إلى الآن وأنكر ذوو الابصار ذلك وقال الفراء : المعنى تركناها آية كما يقال : إن في السماء آية ويراد أنها آية وتعقبه أبو حيان بأنه لا يتجه الا على زيادة من في الواجب نحو قوله
أمهرت منها جبة وتيسا
يريد أمهرتها وقال بعضهم : إن ذلك نظير قولك : رأيت منه أسدا وقيل : الآية حكايتها العجيبة الشائعة وقيل ضمير منها للفعلة التي فعلت بهم والآية الحجارة أو الماء الأسود والظاهر ما عليه الأكثر
ولا يخفى معنى من على هذه الأقوال لقوم يعقلون
53
- أي يستعملون عقولهم في الاستبصار والاعتبار فالفعل منزل منزلة اللازم و لقوم متعلق بتركنا أو بينة واستظهر الثاني هذا وفي الآيات من الدلالة على ذم اللواطة وقبحها ما لا يخفى فهي كبيرة بالاجماع ونصوا على أنها أشد حرمة من الزنا وفي شرح المشارق للأكمل أنها محرمة عقلا وشرعا وطبعا وعدم وجوب الحد فيها عند الامام أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه لعدم الدليل عنده على ذلك لا لخفتها وقال بعض العلماء : إن عدم وجود الحد للتغليظ لأن الحد مطهر وفي جواز وقوعها في الجنة خلاف ففي الفتح قيل : إن كانت حرمتها عقلا وسمعا لا تكون في الجنة وإن كانت سمعا فقط جاز ان تكون فيها والصحيح أنها لا تكون لأن الله تعالى استبعدها واستقبحها فقال سبحانه : إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها أحد من العالمين وسماها خبيثة فقال عز و جل

الصفحة 156