كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 20)

بملابسة الحق والثاني إنما يظهر لو قدم بحكمه وفيه أنه على ما ذكر ليس بمصدر مؤكد وعدم الجواز في المصدر النوعي لاسيما إرا كان من غير لفظه ليس بمسلم وأيضا الظأهر أن المناع بزعم المؤول لزوم اللغوية لو لم يؤول بما ذكر والأولى إبقاؤه على المصدرية وجل الاضافة للعهد وكون المعنى كما قال المورد : يحكم بحكمه المعروف بملابسة الحق وأمر التوهم على طرف الثمام وايا ما كان فالضمير المجرور عائد على الرب سبحانه وعوده على القرآن إلى كثرة القيل والقال لايخفى ما فيه من القيل والقال على من له أدنى تمييز بأساليب المقال وهو العزيز فلا يرد حكمه سبحانه وقضاؤه جل جلاله العليم
87
- بجميع الأشياء التي من جملتها ما يقضي به والفاء في قوله تعالى : فتوكل على الله لترتيب الأمر على ما ذكر من شئونه عز و جل فانها موجبة للتوكل عليه تعالى وداعية إلى الأمر به وفي ذكره تعالى بالاسم الجامع تأييد لذلك أي فتوكل على الله الذي هذا شأنه فانه يوجب على كل أحد أن يتوكل عليه ويفوض جميع أموره اليه جل وعلا وقوله تعالى : إنك على الحق المبين
97
- تعليل صريح للتوكل عليه تعالى بكونه عليه الصلاة و السلام على الحق البين أو الفاصل بينه وبين الباطل أو بين المحق والمبطل فان كونه صلى الله تعالى عليه وسلم كذلك مما يوجب الوثوق بحفظه تعالى ونصرته وتأييده لامحالة وقوله سبحانه : إنك لاتسمع الموتى الخ تعليل آخر للتوكل الذي هو عبارة عن التبتل إلى الله تعالى وتفويض الأمر اليه سبحانه والاعراض عن التشبث بما سواه وقد علل أولا عليه الصلاة و السلام على أحد الوجهين أعني كونه صلى الله تعالى عليه وسلم على الحق من جهته تعالى على الوجه الآخر أعني إعانته تعالى وتأييده تعالى للمحق ثم علل ثالثا بما يوجبه لكن لابالذات بل بواسطة إيجابه للاعراض عن التشبث بما سواه تعالى فان كونهم كالموتى والصم والعمي موجب لقطع الطمع عن مشايعتهم ومعاضدتهم رأسا وداع إلى تخصيص الاعتضاد به تعالى وهو المعني بالتوكل عليه جل شأنه وجوز أن يكون قوله تعالى : إنك لاتسمع الخ استئنافا بيانيا وقع جوابا لسؤال نشأ مما قبله أعني إنك على الحق المبين كأنه قيل : ما بالهم غير مؤمنين بمن هو على الحق المبين فقيل : إنك لاتسمع الموتى الخ
وتعقب بأنه يأباه السياق واعترض بالمنع وإنما شبهوا بالموتى على ما قيل لعدم تأثرهم بما يتلى عليهم من القوارع وإطلاق الأسماع عن المفعول لبيان عدم سماعهم لشيء من المسموعات وقيل : لعل المراد تشبيه قلوبهم بالموتى فيما ذكر من عدم الشعور فان القلب مشعر من المشاعر أشير إلى بطلانه بالمرة ثم بين بطلان مشعري الاذن والعين كما في قوله تعالى : لهم قلوب لايفقهون بها ولهم أعين لايبصرون بها ولهم آذان لايسمعون بها وإلا فبعد تشبيه أنفسهم بالموتى لايظهر لتشبيههم بالصم والعمي مزيد مزية وكأنه لهذا قال في البحر : أي موتى القلوب أو شبهوا بالموتى لأنهم لاينتفعون بما يتلى عليهم فقدم احتمال نسبة الموت إلى قلوبهم
وتعقب بأن ما ذكر تخيل بارد لأن القلب يوصف بالفقه والفهم لاالسمع وما ذكر أولا من أنهم أنفسهم شبهوا بالموتى هو الظاهر ووجهه أنه على طريق التسليم والنظر لأحوالهم كأنه قيل : كيف تسمعهم الارشاد

الصفحة 19