كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 20)

بسم الله الرحمن الرحيم فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا ءال لوط أي من اتبع دينه وإخراجه عليه السلام يعلم من باب أولى وقال بعض المحققين : المراد بآل لوط هو عليه السلام ومن تبع دينه كما يراد من بني آدم آدم وبنوه واياما كان فلا تدخل امرأته عليه السلام وقوله سبحانه : إلا الخ استثناء مفرغ واقع في موقع اسم كان وقرأ الحسن وابن أبي اسحق جواب بالرفع فيكون ذاك واقعا موقع الخبر وقد مر تحقيق الكلام في مثل هذا التركيب وفي قوله تعالى : من قريتكم باضافة القرية إلى كم تهوين لأمر الاخراج وقوله جل وعلا : إنهم أناس يتطهرون
65
- تعليل للأمر على وجه يتضمن الاستهزاء أي إنهم أناس يزعمون التطهر والتنزه عن أفعالنا أو عن الأقذار ويعدون فعلنا قذرا وهم متكلفون باظهار ما ليس فيهم والظاهر أن هذا الجواب صدر عنهم في المرة الأخيرة من مراتب مواعظه عليه السلام بالامر والنهي لا أنه لم يصدر عنهم كلام آخر غيره فأنجيته وأهله أي بعد هلاك القوم فالفاء فصيحة إلا إمرأته قدرنها أي قدرنا كونها من الغبرين
75
- أي الباقين في العذاب وقدر المضاف لأن التقدير يتعلق بالفعل لا بالذات وجاء في آية أخرى ما يقتضي ذلك وهو قوله تعالى : قدرنا أنها لمن الغابرين
وقرأ أبو بكر قدرناها بتخفيف الدال وأمطرنا عليهم مطرا غير معهود فساء مطر المنذرين أي فبئس مطر المنذرين مطرهم وقد مر مثل هذا فارجع إلى ما ذ : رناه عنده
قل الحمد لله وسلم على عباده الذين اصطفى إثر ما قص سبحانه وتعالى على رسوله صلى الله عليه و سلم قصص الأنبياء المذكورين وأخبارهم الناطقة بكمال قدرته تعالى وعظم شأنه سبحانه وبما خصهم به من الآيات القاهرة والمعجزات الباهرة الدالة على جلالة أقدارهم وصحة أخبارهم وقد بين على ألسنتهم صحة الاسلام والتوحيد وبطلان الكفر والاشراك وأن من اقتدى بهم فقد اهتدى ومن أعرض عنهم فقد تردى في مهاوي الردى وشرح صدره الشريف صلى الله تعالى عليه وسلم بما في تضاعيف تلك القصص من فنون المعارف الربانية ونور قلبه بأنوار الملكات السبحانية الفائضة من عالم القدس وقرر بذلك فحوى قوله تعالى : وإنك لتلق القرآن من لدن حكيم عليم
أمر صلى الله تعالى عليه وسلم أن يحمده بأتم وجه على تلك النعم ويسلم على كافة الأنبياء عليهم السلام الذين من جملتهم من قصت أخبارهم وشرحت آثارهم عرفانا لفضلهم وأداء الحق تقدمهم واجتهادهم في الدين فالمراد بالعباد المصطفين الأنبياء عليهم السلام لدلالة المقام وقوله تعالى في آية أخرى : وسلام على المرسلين وقيل : هذا أمر له صلى الله تعالى عليه وسلم بحمده تعالى على هلاك الهالكين من كفار الأمم والسلام على الانبياء وأتباعهم الناجين صلى الله تعالى عليهم وسلم والسلام على غير الانبياء عليهم السلام إذا لم يكن استقلالا مما لاخلاف في جوازه ولعل المنصف لايرتاب في جوازه على عباد الله تعالى المؤمنين مطلقا وقيل : أمر

الصفحة 2