كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 20)

يستعمليستعمل في المشبه اللام الموضوعة للدلالة على ترتب العلة الغائية الذي هو المشبه به فتكون الاستعارة أولا في العلية والغرضية وتبعا في اللام فصار حكم اللام حكم الاسد حيث استعيرت لما يشبه العلة كما استعير الأسد لما يشبه الأسد بيد أن الاستعارة ههنا مكنية تبعية والثالث ما أفاده كلام الخطيب الدمشقي في التلخيص والايضاح وهو أن يقدر التشبيه أولا لكونه عدوا وحزنا بالعلة الغائية ثم يسري ذلك التشبيه إلى تشبيه ترتبه بترتب العلة الغائية فتستعار اللام الموضوعة لترتب العلة الغائية لترتب كونه عدوا وحزنا من غير استعارة في المجرور وهذا التشبيه كتشبيه الربيع بالقادر المختار ثم إسناد الانبات إليه وهو مفاى كلام الكشاف واختار ذلك العلامة عبد الحكيم فقال : وهو الحق عندي لأن اللام لما كان معناها محتاجا إلى ذكر لمجرور كان اللائق أن تكون الاستعارة والتشبيه فيها تابعا لتشبيه المجرور لا تابعا لتشبيه معنى كلي بمعنى كلي معنى الحرف من جزئياته كما ذهب اليه السكاكي وتبعه العلامة التفتازاني أنتهى فتأمل
واستشكل أصل تعليل الالتقاط بأن الالتقاط الوجدان من غير قصد والتعليل يقتضي حقيقة القصد وهو توهم لأن الوجدان من غير قصد أخذ ما وجد لغرض وقد علمت أن المعنى هنا فأخذه أخذ اللقطة أي أخذ اعتناء به آل فرعون ليكون الخ والتعليل فيه إنما هو للاخذ ولا اشكال فيه
وقال بعضهم يحتمل تعلق اللام بمقدار أي قدرنا الالتقاط ليكون الخ وعليه لاتجوز في الكلام إلا عند من يقول : إن افعال الله تعالى لا تعلل وهو أمر غير ما نحن فيه ولا يخفى أن كلام الله سبحانه أجل وأعلى من أن يعتبر فيه مثل هذا الاحتمال وفي جعله عليه السلام نفس الحزن مالا يخفى من المبالغة
وقرأ ابن وثاب والاعمش وحمزة والكسائي وابن سعدان حزنا بضم الحاء وسكون الزاي وقراءة الجمهور بفتحتين لغة قريش إن فرعون وهمن وجنودهما كانوا خاطئين
8
- في كل ما يأتون وما يذرون أو من شأنهم الخطأ فليس ببدع منهم أن قتلوا ألوفا لأجله ثم أخذوه يربونه ليكبر ويفعل بهم ما كانوا يحذرون وروي أنه ذبح في طلبه عليه السلام تسعون ألف وليد و خاطئين على هذا من الخطأ في الرأي ويجوز أن يكون من خطيء بمعنى أذنب وفي الاساس يقال : خطيء خطأ إذا تعمد الذنب والمعنى وكانوا مذنبين فعاقبهم الله تعالى بأن ربى عدوهم على أيديهم والجملة على الأول اعتراض بين المتعاطفين لتأكيد خطئهم المفهوم من قوله تعالى : ليكونلهم عدوا وحزنا فانه كما سمعت استعارة تهكمية وعلى الثاني اعتراض لتأكيد ذنبهم المفهوم من حاصل الكلام وقيل : يتعين عليه أن تكون اعتراضا لبيان الموجب لما ابتلوا به ويحتمل على هذا أن تكون استئنافا بيانيا إن أريد بما ابتلوا به كونه عدوا وحزنا وهو لا ينافي الاعتراض عندهم وقريء خاطئين بغير همز فاحتمل أن يكون أصله الهمز وحذفت وهو الظاهر وقيل : هو من خطا يخطو أي خاطين الصواب إلى ضده فهو مجاز
وقالت امرأت فرعون آسية بنت مزاحم بن عبيد بن الريان بن الوليد الذي كان فرعون مصر في زمن يوسف الصديق عليه السلام وعلى هذا لم تكن من بني إسرائيل وقيل : كانت منهم من سبط موسى عليه السلام وحكى السهيلي أنها كانت عمته عليه السلام وهو قول غريب والمشهور القول الأول
والجملة عطف على جملة فالتقطه آل فرعون أي وقالت امرأة فرعون له حين أخرجته من التابوت
قرت عين لي ولك أي هو قرة عين كائنة لي ولك على أن قرة خبر مبتدأ محذوف والظرف في موضع

الصفحة 47