كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 20)

الفريابي وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه من طرق عن ابن عباس وروي ذلك أيضا عن ابن مسعود والحسن ومجاهد ونحوه عن عكرمة وقالت : فرقة فارغا من الصبر وقال ابن زيد : فارغا من وعد الله تعالى ووحيه سبحانه اليها تناست ذلك من الهم وقال أبو عبيدة : فارغا من الهم إد لم يغرق وسمعت أن فرعون عطف عليه وتبناه كما يقال فلان فارغ البال وقال بعضهم : فارغا من العقل لما دهما من الخوف والحيرة حين سمعت بوقوعه في يد عدوه فرعون كقوله تعالى وأفئدتهم هواء اي خلاء لا عقول فيها واعترض على القولين بأن الكلام عليهما لايلائم ما بعده وفيه نظر وقرأ أحمد بن موسى عن أبي عمرو فواد بالواو وقرأ مؤسى بهمزة بدل الواو وقرأ فضالة بن عبيد والحسن ويزيد ابن قطب وأبو زرعة بن عمرو بن جرير فزعا بالزاي والعين المهملة من الفزع وهو الخوف والقلق وابن عباس قرعا بالقاف وكسر الراء إسكانها من قرع رأسه إدا انحسر شعره كأنه خلا من كل شيء إلا من ذكر موسى عليه السلام وقيل : قرعا بالسكون مصدر أي يقرع قرعا من القارعة وهو الهم العظيم وقرأ بعض الصحابة فزعا بفاء مكسورة وزاي ساكنة وغين معجمة ومعناه ذاهبا هدرا والمراد هالكا من شدة الهم كأنه قتيل لاقود ولا دية فيه ومنه قول طليحة الاسدي في أخيه حبال : فان يك قبلي قد أصيبت نفوسهم فلن يذهبوا فزعا بقتل حبال وقرأ الخليل بن أحمد فرغا بضم الفاء والراء إن كادت لتبدي به أي أنها كادت الخ على أن إن هي المخففة من الثقيلة واللام هي الفارقة أو ما كادت إلا تبدي به على أن إن نافية واللام بمعنى إلا هو قول كوفي والإبداء إظهار الشيء وتعديته بالباء لتضمينه معنى التصريح وقيل : المفعول محذوف والباء سببية أي تبدي حقيقة الحال بسببه أي بسبب ما عراها من فراقه وقيل : هي صلة أي تبديه وكلا القولين كما ترى والظأهر أن الضمير المجرور لموسى عليه السلام والمعنى أنها كادت تصرح به عليه السلام وتقول وا ابناه من شدة الغم والوجد وراه الجماعة عن ابن عباس وروي ذلك أيضا عن قتادة والسدي وعن مقاتل أنها كادت تصيح وا ابناه عند رؤيتها تلاطم الأمواج به شفقة عليه من الغرق وقيل : المعنى أنها كادت تظهر أمره من شدة الفرح بنجاته وتبنى فرعون إياه وقيل : الضمير للوحي إنها كادت تظهر الوحي وهو الوحي الذي كان في شأنه عليه السلام المذكور في قوله تعالى : وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه الآية وهو خلاف الظاهر ولا تساعد عليه الروايات لولا أن ربطنا على قلبها أي بما أنزلنا عليه من السكينة والمراد لولا أن ثبتنا قلبها وصبرناها فالربط على القلب مجاز عن ذلك وجواب لولا محذوف دل عليه إن كادت لتبدي به أي لولا أن ربطنا على قلبها لأبدته وقيل : لكادت تبدي به وقوله تعالى : لتكون من المؤمنين
1
- علة للربط هلى القلب والايمان بمعنى التصديق أي صبرناها وثبتنا قلبها لتكون راسخة في التصديق بوعدنا بأنا رادوه اليها

الصفحة 49