كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 20)

أو استئنافا وتوحيد وصفها السبق أعني ذات بهجة لما أن المعنى جماعة حدائق ذات بهجة وهذا شائع في جمع التكسير كقوله تعالى : أزواج مطهرة وكذا الحال في ضمير شجرها
وقرأ ابن أبي عبلة ذوات بالجمع بهجة بفتح الهاء ءإله مع الله أي أإله آخر كائن مع الله تعالى الذي ذكر بعض أفعاله التي لايكاد يقدر عليها غيره حتى يتوهم جعله شريكا له تعالى في العبادة وهذا تبكيت لهم بنفي الألوهية عما يشركونه به عز و جل في ضمن النفي الكلي على الطريقة البرهانية بعد تبكيتهم بنفي الخيرية عنه بما ذكر من الترديد فان أحدا ممن له أدنى تمييز كما لايقدر على إنكار انتفاء الخيرية عنه بالمرة لايكاد يقدر على إنكار انتفاء الألوهية عنه رأسا لاسيما بعد ملاحظة انتفاء أحكامها عما سواه عز و جل وكذا الحال في المواقع الأربعة الآتية وقيل : المراد نفي أن يكون معه تعالى إله آخر في الخلق وما عطف عليه لكن لا على أن التبكيت بنفس ذلك النفي فقط فانهم لاينكرونه حسبما يدل عليه قوله تعالى ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله بل باشراكهم به تعالى ما يعترفون بعدم مشاركته له سبحانه فيما ذكر من لوازم الألوهية كأنه قيل : أإله آخر مع الله في خواص الألوهية حتى يجعل شريكا له تعالى في العبادة وقيل : المعنى أغيره يقرن به سبحانه ويجعل له شريكا في العبادة مع تفرده جل شأنه بالخلق والتكوين فالانكار للتوبيخ والتبكيت مع تحقق المنكر دون النفي كما في الوجهين السابقين ورجح بأنه الأظهر الموافق لقوله تعالى : وما كان معه من إله والأوفى بحق المقام لافادة نفي وجود إله آخر معه تعالى رأسا لانفي معيته في الخلق وفروعه فقط
وقرأ هشام عن أبن عامر آاله بتوسط مدة بين الهمزتين وإخراج الثانية بين بين وقرأ أبو عمرو ونافع وابن كثير أإلها بانصب على إضمار فعل يناسب المقام مثل أتجعلون أو أتدعون أو أتشركون
بل هم قوم يعدلون
6
- إضراب وانتقال من تبكيتهم بطريق الخطاب إلى بيان سوء حالهم وحكايته لغيرهم ويعدلون من العدول بمعنى الانحراف أي بل هم قوم عادتهم العدول عن طريق الحق بالكلية والانحراف عن الاستقامة في كل أمر من الأمور فلذلك يفعلون ما يفعلون من العدول عن الحق الواضح الذي هو التوحيد والعكوف على الباطل البين الذي هو الاشراك وقيل : من العدل بمعنى المساواة أي يساوون به غيره تعالى من آلهتهم وروي ذلك عن ابن زيد والأول أنسب بما قبله وقيل : الكلام عليه خال عن الفائدة
أمن جعل الأرض قرارا أي جعلها بحيث يستقر عليها الانسان والدواب بابداء بعضها من الماء ودخولها وتسويتها حسبما يدور عليه منافعهم فقرار بمعنى مستقرا لابمعنى قارة غير مضطربة كما زعم الطبرسي فان الفائدة على ذلك أتم والجعل إن كان تصيير فالمنصوبان مفعولان وإلا فالثاني حال مقدرة وجملة قوله تعالى : أمن جعل الخ على ما قيل : بدل من قوله سبحانه : أمن خلق السموات إلى آخر ما بعدها من الجمل الثلاث وحكم الكل واحد وقال بعض الأجلة : الأظهر أن كل واحدة منها إضراب وانتقال من التبكيت بما قبلها إلى التبكيت بوجه آخر داخل في الالزام بجهة من الجهات وإلى الابدال صاحب الكشاف وسننقل إن شاء الله تعالى عن صاحب الكشف ما فيه الكشف عن وجهه وجعل خللها أي أوسطها جمع خلل وأصله الفرجة بين الشيئين فهو ظرف حل محل الحال من قوله تعالى : أنهرا وساغ ذلك مع كونه نكرة لتقدم الحال أو المفعول الثاني لجعل و انهارا هو المفعول الأول والمراد بالأنهار ما يجري فيه لا المحل

الصفحة 5