كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 20)

قسيمقسيم له وجعل بعضهم إطلاق القسم على الاستعطافي تجوزا ويبعد ارادة الاستعطاف هنا ما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن موسى عليه السلام لم يستثن أي لم يقل إن شاء الله تعالى فابتلي به أي بالكون ظهيرا للمجرمين مرة أخرى وهو ما قوله تعالى : فاذا الذي استنصره الخ لأن الاستثناء لايناسب الاستعطاف لكون النفي معلقا بعصمة الله عز و جل وجوز أن تكون الباء سببية متعلقة بفعل مقدر يعطف عليه لن أكون الخ ما موصولة والمعنى بسبب الذي أنعمته علي من القوة أشكرك فلن أستعملها إلا في مظاهرة أوليائك ولا أدع قبطيا يغلب اسرائيليا وهو الزام لنفسه بنصرة أوليائه عز و جل كالنذر وليس هناك قسم بوجه خلافا لمن توهم ذلك ولا يخفى أن هذا وأن لم يبعده الأثر لا يخلو عن بعد نظرا إلى السباق و لن على اوجه المذكورة للنفي وفي البحر قيل : إنها للدعاء وحكى ابن هشام رده بأن فعل الدعاء لايسند إلى المتكلم بل إلى المخاطب أو الغائب نحو يارب لا عذبت فلانا ويجوز لا عذب الله تعالى عمرا ثم قال ويرده قوله : ثم لا زلت لكم خالدا خلود الجبال ولا يخفى عليك أن كونها للدعاء على الوجه الأخير في الآية غير ظاهر وعلى الوجه الأول لايخلو عن خفاء فلعل من جعلها للدعاء حما بما أنعمت علي على الاستعطاف وعلق الجار والمجرور بنحو اعصمني وجعل الفاء تفسيرية ولن أكون الخ تفسيرا لذلك المحذوف كما قيل : في قوله تعالى : استجبنا له فكشفنا فليتدبر واحتج أهل العلم بهذه الآية على المنع من معونة الظلمة وخدمتهم
أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عبيد لاله بن الوليد الرصافي أنه سأل عطاء بن أبي رباح عن أخ له كاتب فقال له : إن أخي ليس له من أمور السلطان شيء إلا أنه يكتب له قلم ما يدخل وما يخرج فان ترك قلمه صار عليه دين واحتاج وإن أخذ به كان له فيه غنى قال : لمن يكتب قال : لخالد بن عبد الله القسري قال : ألم تسمع إلى ما قال العبد الصالح رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين فلا يهتم أخوك بشيء وليرم بقلمه فان الله تعالى سيأتيه برزق وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي حنظلة جابر بن حنظلة الضبي الكاتب قال : قال رجل لعامر يا أبا عمرو إني رجل كاتب أكتب ما يدخل وما يخرج آخذا رزقا استغني به أنا وعيالي قال : فلعلك تكتب في دم يسفك قال : لا قال : فلعلك تكتب في مال يؤخذ قال : لا قال : فلعلك تكتب في دار تهدم قال : لا قال : أسمعت بما قال موسى عليه السلام رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين قال : أبلغت إلى يا أبا عمرو والله عز و جل لا أخظ لهم بقلم أبدا قال والله تعالى لا يدعك الله سبحانه بغير رزق أبدا وقد كان السلف يجتنبون كل الاجتناب عن خدمتهم أخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن سلمة بن نبيط قال بعد عبد الرحمن بن مسلم إلى الضحاك فقال : اذهب بعطاء أهل بخارى فأعطهم فقال أعفني فلم يرل يستعفيه حتى أعفاه فقال له بعض أصحابه : ما عليك أن تذهب فتعطيهم وأنت لا ترزؤهم شيئا فقال لا أحب أن أعين الظلمة في شيء من أمرهم وإذا صح حديث ينادي مناد يوم القيامة أي الظلمة وأشباه الظلمة حتى من لاق لهم دواة أو برى لهم قلما فيجمعون في تابوت من حديد فيرمى بهم في جهنم فليبك من علم أنه من أعوانهم على نفسه وليقلع عما هو عليه قبل حلول رمسه ومما يقصم الظهر ما روي عن بعض الأكابر أن خياطا سأله فقال : أنا ممن يخيط للظلمة فهل أعد من أعوانهم فقال : لا أنت منهم والذي يبيعك الابرة من أعوانهم فلا حول ولا قوة إلا بالله تعالى العلي العظيم وياحسرتا على من باع

الصفحة 56