كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 20)

دينه بدنياه واشترى رضا الظلمة بغضب مولاه هذا وقد بلغ السيل الزبى وجرى الوادي فطم على القرى
فأصبح في المدينة خائفا وقوع المكروه به يترقب يترصد ذلك أو الاخبار هل وقفوا على ما كان منه وكان عليه السلام فيما يروي قد دفن القبطي بعد أن مات في الرمل وقيل : خائفا وقوع المروه من فرعون يترقب نصرة ربه عز و جل وقيل : يترقب أن يسلمه قومه وقيل : يترقب هداية قومه وقيل : خائفا من ربه عز و جل يترقب المغفرة والكل كما ترى والمتبادر على ما قيل : أن في المدينة متعلق بأصبح واسم أصبح ضمير موسى عليه السلام وخائفا خبرها وجملة يترقب خبر بعد خبر أو حال من الضمير في خائفا وقال أبو البقاء : يترقب حال مبدلة من الحال الأولى أو تأكيد لها أو حال من الضمير في خائفا اه وفيه احتمال كون أصبح تامة واحتمال كونها ناقصة والخبر في المدينة ولا يخفى عليك ما هو الأولى من ذلك فاذا الذي استنصره بالأمس وهو الاسرائيلي الذي قتل عليه السلام القبطي بسببه يستصرخه أي يستغيثه من قبطي آخر برفع الصوت من الصراخ وهو في الأصل الصياح ثم تجوز به عن الاستغاثة لعدم خلوها منه غالبا وشاع حتى صار حقيقة عرفية وقيل : معنى يستصرخه يطلب ازالة صراخه وإذا للمفاجأة وما بعدها مبتدأ وجملة يستصرخه الخبر
وجوز أبو البقاء كون الجملة حالا والخبر إذا والمراد بالأمس اليوم الذي قبل يوم الاستصراخ وفي الحواشي الشهابية إن كان دخوله عليه السلام المدينة بين العشائين فالأمس مجاز عن قرب الزمان وهو معرب لدخول أل عليه وذلك الشائع فيه عند دخولها وقد بني معها على سبيل الندرة كما في قوله : وإني حبست اليوم والامس قبله إلى الشمس حتى كادت الشمس تغرب قال أي موسى عليه السلام له موسى أي للاسرائيلي الذي يستصرخه إنك لغوي ضال مبين
81
- بين الغواية لأنك تسببت لقتل رجل وتقاتل آخر أو لأن عادتك الجدال وأختار هذا بعض الأجلة وقال : إن الأول لا يناسب قوله تعالى : فلما أن أراد الخ لأن تذكر تسببه لما ذكر باعث الاحجام لا الاقدام ورد بأن التذكر أمر محقق لقوله تعالى : خائفا يترقب والباعث له على ما ذكر شفقته على من ظلم من قومه وغيرته لنصرة الحق وقيل : إن الضمير في له والخطاب في إنك للقبطي ودل عليه قوله يستصرخه وهو خلاف الظاهر ويبعده الاظهار في قوله تعالى : فلما أن أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما فان الظاهر على ذاك به بدل الذي والبطش الاخذ بصولة وسطوة والتنوين في عدو للتفخيم أي عدو عظيم العداوة ولإرادة ذلك لم يضفه والمراد بالذي هو عدو لهما القبطي وقد كان القبط أعظم الناس عداوة لبني اسرائيل وقيل : عدواته لهما لأنه لم يكن على دينهما وقرأ الحسن وأبو جعفر يبطش بضم الطاء
قال يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس قاله الاسرائيلي الذي يستصرخه على ما روي عن ابن عباس وأكثر المفسرين وكأنه توهم ارادة البطش به دون القبطي من تسمية موسى عليه السلام إياه غويا وقال الحسن : قاله القبطي الذي هو عدو لهما كأنه توهم من قوله للاسرائيلي إنك لغوي أنه الذي قتل القبطي بالامس له ولا بعد فيه لأن ما ذكر إما اجمال لكلام يفهم منه ذلك أو لأن قوله ذلك لمظلوم انتصر به خلاف الظاهر فلا بعد للانتقال منه لذلك والذي

الصفحة 57