كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 20)

ومطلوبكما مما أنتما عليهما من التأخر والذود ولم تباشران السقي كغيركما وأصل الخطب مصدر خطب بمعنى طلب ثم استعمل بمعنى المفعول وفي سؤاله عليه السلام إياهما دليل على جواز مكالمة الأجنبية فيما يعني
وقرأ شمر ما خطبكما بكسر الخاء قال في البحر : أي من زوجكما ولم لا يسقي هو وهذه قراءة شاذة نادرة اه ولايخفى ما فيه وإباء الجواب عنه وقال بعضهم : الخطب فيها بمعنى المخطوب والمطلوب كما في القراءة المتواترة ونظيره الحب بكسر الحاء المهملة بمعنى المحبوب
قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء
أي عادتنا أن لانسقي حتى يصرف الرعاة مواشيهم بعد ريها عن الماء عجزا عن مساجلتهم لا أنا لا نسقي اليوم إلى تلك الغاية وقرأ ابن مصرف لانسقي نضم النون من الاسقاء وقرأ أبو جعفر وشيبة والحسن وقتادة والعربيان : ابن عامر وأبو عمرو يصدر بفتح الياء وضم الدال أي حتى يصدر الرعاة بأغنامهم وسأل بعض الملوك عن الفرق بين القراءتين من حيث المعنى فأجيب بأن قراءة يصدر بفتح الياء تدل على فرط حيائها وتواريهما من الاختلاط بالاجانب وقراءة يصدر بضم الياء تدل على إصدار الرعاة المواشي ولم يفهم منها صدورهم عن الماء وقريء بزاي خالصة وبحرف بين الصاد والزاي وقريء الرعاء بضم الراء والمعروف في صيغ الجمع فعال بكسر الفاء كما في قراءة الجمهور وأما فعال بالضم فعلى خلاف القياس لأنه من أبنية المصادر والمفردات كنباح وصراخ وإذا استعمل في معنى الجمع كما في القراءة الشاذة فقيل هو أسم جمع لا جمع وقيل إنه جمع أصلي وقيل إنه جمع ولكن الأصل في الكسر والضم فيه بدل من الكسر كما أنه بدل من الفتح في نحو سكارى والوارد منه في كلام العرب ألفاظ محصورة ذكرها الخفاجي في شرح درة الغواص والمشهور منها على ما قال ثمانية وقد نظمها صدر الأفاضل لا الزمخشري على الأصح بقوله : ما سمعنا كلما غير ثمان
هي جمع وهي في الوزن فعال فرباب وفرار وتؤام
وعرام وعراق ورخال وظؤار جمع ظئر وبساط جمع بسط هكذا فيما يقال وذهب أبو حيان إلى أن الرعاء في قراءة الجمهور ليس بقياس أيضا قال : لأنه جمع راع وقياس فاعل الصفة التي للعاقل أن تكسر على فعلة كقاض وقضاة وما سوى جمعه هذا فليس بقياس وقرأ عياش عن أبي عمرو الرعاء بفتح الراء وهو مصدر أقيم مقام الصفة فاستوى لفظ الواحد والجماعة فيه وجوز أن يكون مما حذف منه المضاف أي أهل الرعاء وأبونا شيخ كبير
32
- ابداء منهما للعذر له عليه السلام في توليهما للسقي بأنفسهما كأنهما قالتا : إنا امرأتان ضعيفتان مستورتان لا نقدر على مساجلةالرجال ومزاحمتهم ومالنا رجل يقوم بذلك وأبونا شيخ كبير السن قد أضعفه الكبر فلابد لنا من تأخير السقي إلى أن يقضي الناس أوطارهم من الماء وذكر بعضهم أنه عليه السلام اخرج السؤال على ما يقتضيه كرمه ورحمته بالضعفاء حيث سألهما عن مطلوبهما من التأخر والذود قصدا لأن الايجاب بطلب المعونة إلا أنهما لجلالة قدرهما حملتا قوله على ما يجاب عنه بالسبب

الصفحة 60