كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 21)

ذلك بأن الله هو الحق إلى قوله سبحانه وأن الله هو العلي الكبير فيه إشارة إلى أنه سبحانه تمام وفوق التمام والمراد بالأول من حصل له كل ما جاز له وإليه الإشارة بقوله تعالى : هو الحق والمراد بالثاني من حصل له ذلك وحصل لما عداه ما جاز له وإليه الإشارة بقوله تعالى : هو العلي الكبير ووراء هذين الشيئين ناقص وهو ما ليس له ما ينبغي كالصبي والمريض والأعمى ومكتف وهو من أعطى ما تندفع به حاجته في وقته كالإنسان الذي له من الآلات ما تندفع به حاجته في وقته لكنها في معرض التحلل والزوال إن الله عنده علم الساعة الآية ذكر غير واحد حكايات عن الأولياء متضمنة لإطلاع الله تعالى إياهم على ما عدا علم الساعة من الخمس وقد علمت الكلام في ذلك وأغرب ما رأيت ما ذكره الشعراني عن بعضهم أنه كان يبيع المطر فيمطر على أرض من يشتري منه متى شاء ومن له عقل مستقيم لا يقبل مثل هذه الحكاية وكم للقصاص أمثالها من رواية نسأل الله تعالى أن يحفظنا وإياكم من إعتقاد خرافات لا أصل لها وهو سبحانه ولي العصمة والتوفيق
سورة السجدة
23 - وتسمى المضاجع أيضا كما في الإتقان وفي مجمع البيان إنها كما تسمى سورة السجدة تسمى سجدة لقمان لئلا تلتبس بحم السجدة وأطلق القول بمكيتها أخرج إبن الضريس وإبن مردويه والبيهقي في الدلائل عن إبن عباس إنها نزلت بمكة وأخرج إبن مردويه عن عبدالله بن الزبير مثله وجاء في رواية أخرى عن الحبر إستثناء أخرج النحاس عنه رضي الله تعالى عنه أنه قال : نزلت سورة السجدة بمكة سوى ثلاث آيات أفمن كان مؤمنا إلى تمام الآيات الثلاث وروى مثله عن مجاهد والكلبي وأستثنى بعضهم أيضا آيتين أخريين وهما قوله تعالى تتجافى جنوبهم إلخ وأستدل عليه ببعض الروايات في سبب النزول وستطلع على ذلك إن شاء الله تعالى وأستبعد إستثناؤهما لشدة إرتباطهما بما قبلهما وهي تسع وعشرون آية في البصرى وثلاثون في الباقية ووجه مناسبتها لما قبلها إشتمال كل على دلائل الألوهية وفي البحر لما ذكر سبحانه فيما قبل دلائل التوحيد وهو الأصل الأول ثم ذكر جل وعلا المعاد وهو الأصل الثاني وختم جل شأنه به السورة ذكر تعالى في بدء هذه السورة الأصل الثالث وهو النبوة وقال الجلال السيوطي في وجه الإتصال بما قبلها : إنها شرح لمفاتح الغيب الخمسة التي ذكرت في خاتمة ما قبل فقوله تعالى ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون شرح قوله تعالى : إن الله عنده علم الساعة ولذلك عقب بقوله سبحانه : عالم الغيب والشهادة وقوله تعالى : أو لم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز شرح قوله سبحانه : وينزل الغيث وقوله تبارك وتعالى : الذي أحسن كل شيء خلقه الآيات شرح قوله جل جلاله : ويعلم ما في الأرحام وقوله عزوجل : يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها شرح قوله تعالى : وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وقوله جل وعلا : أئذا ضللنا في الأرض إلى قوله تعالى : قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون شرح قوله سبحانه : وما تدري نفس بأي أرض تموت ولا يخلو عن نظر وجاء في فضلها أخبار كثيرة أخرج أبو عبيد وإبن الضريس من مرسل المسيب بن رافع أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال : تجيء ألم تنزيلوفي روايةألم السجدة يوم القيامة لها جناحان تظل صاحبها وتقول : لا سبيل عليه لا سبيل عليه
وأخرج الدارمي والترمذي وإبن مردويه عن طاوس قال : ألم السجدة وتبارك الذي بيده الملك تفضلان

الصفحة 115