كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 21)

ينقص من خمسة دراهم لأن أقل المهر عشرة دراهم فلا ينقص من نصفها كذا في الكشاف وتمام الكلام في الفروع والفعل مجزوم على أنه جواب الأمر وكذا قوله تعالى : وأسرحكن وجوز أن يكون الجزم على انه جواب الشرط ويكون فتعالين إعتراضا بين الشرط وجزائه والجملة الإعتراضية قد تقترن بالفاء كما في قوله : وأعلم فعلم المرء ينفعه أن سوف يأتي كل ما قدرا وقرأ حميد الخراز أمتعكن وأسرحكن بالرفع على الإستئناف وزيد بن علي رضي الله تعالى عنهما أمتعكن بالتخفيف من أمتع والتسريح في الأصل مطلق الإرسال ثم كنى به عن الطلاق أي وأطلقكن سراحا أي طلاقا جميلا 82 أي ذا حسن كثير بأن يكون سنيا لا ضرار فيه كما في الطلاق البدعي المعروف عند الفقهاء وفي مجمع البيان تفسير السراح الجميل بالطلاق الخالي عن الخصومة والمشاجرة وكان الظاهر تأخير التمتيع عن التسريح لما أنه مسبب عنه إلا أنه قدم عليه إيناسا لهن وقطعا لمعاذيرهن من أول الأمر وهو نظير قوله تعالى : عفا الله عنك لم أذنت لهم من وجه ولأنه مناسب لما قبله من الدنيا : وجوز أن يكون في محله بناء على أن إرادة الدنيا بمنزلة الطلاق والسراح الإخراج من البيوت فكأنه قيل : إن أردتن الدنيا وطلقتن فتعالين أعطكن المتعة وأخرجكن من البيوت إخراجا جميلا بلا مشاجرة ولا إيذاء ولا يخفى بعده وسبب نزول الآية على ما قيل : إن أزواجه عليه الصلاة و السلام سألنه ثياب الزينة وزيادة النفقة
وأخرج أحمد ومسلم والنسائي وإبن مردويه من طريق أبي الزبير عن جابر قال : أقبل أبو بكر رضي الله تعالى عنه والناس ببابه جلوس والنبي صلى الله تعالى عليه وسلم جالس فلم يؤذن له ثم أذن لأبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما فدخلا والنبي جالس وحوله نساؤه وهو ساكت فقال عمر : لأكلمن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لعله يضحك فقال : يارسول الله لو رأيت إبنة زيد يعني أمرأته رضي الله تعال ىعنه سألتني النفقة آنفا فوجأت عنقها فضحك النبي صلى الله تعالى عليه وسلم حتى بدا ناجذه وقال : هن حولي سألتني النفقة فقام أبو بكر رضي الله تعالى عنه إلى عائشة ليضربها وقام عمر رضي الله تعال ىعنه إلى حفصة كلاهما يقولان : تسألان النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ما ليس عنده فنهاهما رسول الله فقلن نساؤه : والله لا نسأل رسول الله بعد هذا المجلس ما ليس عنده وأنزل الله تعالى الخيار فبدأ بعائشة فقال عليه الصلاة و السلام : إني ذاكر لك أمرا ما أحب أن تعجلي فيه حتى تستأمري أبويك قالت : ما هو فتلا عليها ياأيها النبي قل لأزواجك الآية قالت عائشة : أفيك أستأمر أبوي بل أختار الله تعالى ورسوله صلى الله تعالى عليه وسلم وأسألك أن لا تذكر لأمرأة من نسائك ما أخترت فقال عليه الصلاة و السلام : إن الله تعالى لم يبعثني متعنتا ولكن بعثني معلما مبشرا لا تسألني أمرأة منهن عما أخبرتني إلا أخبرتها وفي خبر رواه إبن جرير وإبن أبي حاتم عن قتادة والحسن أنه لما نزلت آية التخيير كان تحته عليه الصلاة و السلام تسع نسوة خمس من قريش : عائشة وحفصة وأم حبيبة بنت أبي سفيان وسودة بنت زمعة وأم سلمة بنت أبي أمية وكان تحته صفية بنمت حيي الخيبرية وميمونة بنت الحرث الهلالية وزينب بنت جحش الأسدية وجويرية بنت الحرث من بني المصطلق وبدأ بعائشة فلما أختارت الله تعالى ورسوله صلى الله تعالى عليه وسلم والدار الآخرة رؤى الفرح في

الصفحة 181