كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 21)
مبغض فلزيد متعلق بمبغض الذي هو مبتدأ وفي المدينة الخبر أي هل شركاء لكم كائنون مما ملكته أيمانكم كائنون فيما رزقناكم وقوله تعالى : فأنتم فيه سواء جملة في موضع الجواب للإستفهام الأنكاري وفيه متعلق بسواء وفي الكلام محذوف معطوف على أنتم أي فأنتم وهم أي المماليك مستوون فيه لا فرق بينكم وبينهم في التصرف فيه وقيل : لا حذف وأنتم شامل للمماليك بطريق التغليب وقوله تعالى : تخافونهم خبر آخر لأنتم وقال أبو البقاء : حال من ضمير أنتم الفاعل في سواء وقوله تعالى : كخيفتكم أنفسكم في موضع الصفة لمصدر محذوف أي تخافونهم أن تستبدوا بالتصرف فيه بدون رأيهم خيفة كائنة مثل خيفتكم من هو من نوعكم يعني الأحرار المساهمين لكم والمقصود نفي مضمون ما فصل من الجملة الإستفهامية أي لا ترضون بأن يشارككم فيما رزقناكم من الأموال ونحوها مماليككم وهم أمثالكم في البشرية غير مخلوقين لكم بل لله تعالى فكيف تشركون به سبحانه في المعبودية التي هي من خصائصه تعالى الذاتية مخلوقه سبحانه بل مصنوع مخلوقه جل وعلا حيث تصنعونه بأيديكم ثم تعبدونه
وقرأ إبن أبي عبلة أنفسكم بالرفع على أن المصدر مضاف للمفعول وأنفسكم فاعله قال أبو حيان : وهو وجه حسن ولا قبح في إضافة المصدر إلى المفعول مع وجود الفاعل كذلك أي مثل ذلك التفصيل الواضح نفصل الآيات أي نبينها ونوضحها لا تفصيلا أدنى منه فإن التمثيل تصوير للمعاني المعقولة بصورة المحسوس وإبراز لأوابد المدركات على هيئة المأنوس فيكون في غاية الإيضاح والبيان
لقوم يعقلون 82 أي يستعملون عقولهم في تدبير الأمثال وقيل : في تدبير الأمور مطلقا ويدخل في ذلك الأمثال دخولا أوليا وخصهم بالذكر مع عموم تفصيل الآيات للكل لأنهم المنتفعون بها وذكر العلامة الطيبي أنه لما كان ضرب الأمثال لأدناء المتوهم إلى المعقول وإراءة المتخيل في صورة المحقق ناسب أن تكون الفاصلة لقوم يعقلون وهذه النكتة هنا أظهر منها فيما تقدم فتذكر
وقرأ عباس عن أبي عمرو يفصل بياء الغيبة رعيا لضرب إذ هو مسند لما يعود للغائب وقراءة الجمهور بالنون للحمل على رزقناكم وذكر بعض العلماء إن في هذه الآية دليلا على صحة أصل الشركة بين المخلوقين لإفتقار بعضهم إلى بعض كأنه قيل : الممتنع المستقبح شركة العبيد لساداتهم أما شركة السادات بعضهم لبعض فلا تمتنع ولا تستقبح بل أتبع الذين ظلموا إعراض عن مخاطبتهم ومحاولة إرشادهم إلى الحق بضرب المثل وتفصيل الآيات وإستعمال المقدمات الحقة المعقولة وبيان لإستحالة تبعيتهم للحق كأنه قيل : لم يعقلوا شيئا من الآيات المفصلة بل أتبعوا أهواءهم الزائغة ووضع الموصول موضع ضميرهم للتسجيل عليهم بأنهم في ذلك الإتباع ظالمون واضعون للشيء في غير موضعه أو ظالمون لأنفسهم بتعريضها للعذاب الخالد بغير علم أي جاهلين ببطلان ما أتوا منكبين عليه لا يصرفهم عنه صارف حسبما يصرف العالم إذا أتبع الباطل علمه ببطلانه فمن يهدي من أضل الله أي خلق فيه الضلال وجعله كاسبا له بإختياره وما لهم أي لمن أضله الله تعالى والجمع بإعتبار المعنى من ناصرين 92 يخلصونهم من الضلال