كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 21)

أي فرقا تشايع كل فرقة أمامها الذي مهد لها دينها وقرره ووضع أصوله كل حزب بما لديهم من الدين المعوج المؤسس على الرأي الزائغ والزعم الباطل فرحون 23 مسرورون ظنا منهم أنه حق والجملة قيل إعتراض مقرر لمضمون ما قبله من تفريق دينهم وكونهم شيعا وقيل : في موضع نصب على أنها صفة شيعا بتقدير العائد أي كل حزب منهم وزعم بعضهم كونها حالا وجوز أن يكون فرحون صفة لكل كقول الشماخ : وكل خليل غير هاضم نفسه لوصل خليل صارم أو معارز والخبر هو الظرف المتقدم أعني قوله تعالى : من الذين فرقوا دينهم فيكون منقطعا عما قبله وضعف بأنه يوصف المضاف إليه في نحوه صرح به الشيخ إبن الحاجب في قوله : وكل أخ مفارقه أخوه لعمر أبيك إلا الفرقدان وفي البحر أن وصف المضاف إليه في نحوه هو الأكثر وأنشد قوله : جادت عليه كل عين ترة فتركن كل حديقة كالدرهم وما قيل : إنه إذا وصف به كل دل على أن الفرح شامل للكل وهو أبلغ ليس بشيء بل العكس أبلغ لو تؤمل أدنى تأمل وإذا مس الناس ضر أي شدة دعوا ربهم منيبين إليه راجعين إليه تعالى من دعاء غيره عزوجل من الأصنام وغيرها ثم إذا أذاقهم منه رحمة خلاصا من تلك الشدة إذا فريق منهم بربهم الذي كانوا دعوه منيبين إليه يشركون 33 أي فاجأ فريق منهم الإشراك وذلك بنسبة خلاصهم إلى غيره تعالى من صنم أو كوكب أو نحو ذلك من المخلوقات وتخصيص هذا الفعل ببعضهم لما أن بعضهم ليسوا كذلك وتنكير ضر ورحمة للتعليل إشارة إلى أنهم لعدم صبرهم يجزعون لأدنى مصيبة ويطغون لأدنى نعمة و ثم للتراخي الرتبي أو الزماني ليكفروا بما آتيناهم اللام فيه للعاقبة وكونها تقتضي المهلة ولذا سميت لام المآل والشرك والكفر متقاربان لا مهلة بينهما كما قيل لا وجه له وقيل : للأمر وهو للتهديد كما يقال عند الغضب أعصني ما أستطعت وهو مناسب لقوله سبحانه : فتمتعوا فإنه أمر تهديدي وإحتمال كونه ماضيا معطوفا على يشركون لا يخفى حاله والفاء للسببية والتمتع التلذذ وفيه إلتفات من الغيبة إلى الخطاب فسوف تعلمون 43 وبال تمتعكم وقرأ أبو العالية فيمتعوا بالياء التحتية مبنيا للمفعول وهو معطوف على يكفروا فسوف يعلمون بالياء التحتية أيضا وعن أبي العالية أيضا فيتمتعوا بياء تحتية قبل التاء وهو معطوف على يكفروا أيضا وعن إبن مسعود وليتمتعوا باللام والياء التحتية وهو عطف على ليكفروا أم أنزلنا عليهم سلطانا إلتفات من الخطاب إلى الغيبة إيذانا بالإعراض عنهم وتعديدا لجناياتهم لغيرهم بطريق المبائة و ام منقطعة والسلطان الحجة فالإنزال مجاز عن التعليم أو الإعلام وقوله تعالى : فهو يتكلم بمعنى فهو يدل على أن التكلم مجاز عن الدلالة ولك أن تعتبر هنا جميع ما أعتبروه في قولهم : نطقت الحال من الإحتمالات ويجوز أن يراد بسلطانا ذا سلطان أي ملكا معه برهان فلا مجاز أولا وآخرا
وجملة هو يتكلم جواب للإستفهام الذي تضمنته ام إذ المعنى بل أأنزلنا عليهم سلطانا فهو يتكلم

الصفحة 42