كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 21)
أدعت فدكا بطريق الأرث وزعم بعضهم أنها أدعت الهبة وأتت على ذلك بعلي والحسن والحسين رضي الله تعالى عنهم وبأم أيمن رضي الله تعالى عنها فلم يقبل منها لمكان الزوجية والبنوة وعدم كفاية المرأة الواحدة في الشهادة في هذا الباب فأدعت الأرث فكان ما كان وهذا البحث مذكور على أتم وجه في التحفة أن أردته فأرجع إليه وخص بعضهم إبن السبيل بالضيف وحقه بالإحسان إليه إلى أن يرتحل والمشهور أنه المنقطع عن ماله وبين المعنيين عموم من وجه وقدم ذو القربى إعتناء بشأنه وهو السر في تقديم المفعول الثاني على العطف والعدول عن وآت ذا القربى والمسكين وإبن السبيل حقهم وعبر عن القريب بذي القربى في جميع المواضع ولم يعبر عن المسكين بذي المسكنة لأن القرابة ثابتة لا تتجدد وذو كذا لا يقال في الأغلب إلا في الثابت ألا ترى أنهم يقولون لمن تكرر منه الرأي الصائب فلان ذو رأي ويكاد لا تسمعهم يقولون لمن أصاب مرة في رأيه كذلك وكذا نظائر ذلك من قولهم : فلان ذو جاه وفلان ذو أقدام والمسكنة لكونها مما تطرأ وتزول لم يقل في المسكين ذو مسكنة كذا قال الإمام : ذلك أي الإيتاء المفهوم من الأمر خير في نفسه أو خير من غيره للذين يريدون وجه الله أي ذاته سبحانه أي يقصدونه عزوجل بمعروفهم خالصا أو جهته تعالى أي يقصدون جهة التقرب إليه سبحانه لا جهة أخرى والمعنيان كما في الكشف متقاربان ولكن الطريقة مختلفة
وأولئك المتصفون بالإيتاء هم المفلحون 83 حيث حصلوا بإتفاق ما يفني النعيم المقيم والحصر إضافي على ما قيل : أي أولئك هم المفلحون لا الذين بخلوا بما لهم ولم ينفقوا منه شيئا
وقيل : هو حقيقي على أن المتصفين بالإيتاء المذكور هم الذين آمنوا وأقاموا الصلاة وأنابوا إليه تعالى وأتقوه عزوجل فلا منافاة بين هذا الحصر والحصر المذكور في أول سورة البقرة فتأمل وما آتيتم من ربا الظاهر أنه أريد به الزيادة المعروفة في المعاملة التي حرمها الشارع وإليه ذهب الجبائي وروى ذلك عن الحسن ويشهد له ما روى عن السدي من أن الآية نزلت في ربا ثقيف كانوا يربون وكذا كانت قريش وعن إبن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير والضحاك ومحمد بن كعب القرظي وطاوس وغيرهم أنه أريد به العطية التي يتوقع بها مزيد مكافأة وعليه فتسميتها ربا مجاز لأنها سبب للزيادة وقيل : لأنها فضل لا يجب على المعطي
وعن النخعي أن الآية نزلت في قوم يعطون قراباتهم وإخوانهم على معنى نفعهم وتمويلهم والتفضيل عليهم وليزيدوا في أموالهم على جهة النفع لهم وهي رواية عن إبن عباس فالمراد بالربا العطية التي تعطى للأقارب للزيادة في أموالهم ووجه تسميتها بما ذكر معلوم مما ذكرنا وأياما كانفمن بيانلما لا للتعليل
وقرأ إبن كثير أتيتم بالقصر ومعناه على قراءة الجمهور أعطيتم وعلى هذه القراءة جئتم أي ما جئتم به من عطاء ربا ليربوا في أموال الناس أي ليزيد ذلك الربا ويزكو في أموال الناس الذين آتيتموهم إياه وقال إبن الشيخ : المعنى عل ىتفسير الربا بالعطية ليزيد ذلك الربا في جذب أموال الناس وجلبها وفي معناه ما قيل ليزيد ذلك بسبب أموال الناس وحصول شيء منها لكم بواسطة العطية وعن إبن عباس والحسن وقتادة وأبي رجاء والشعبي ونافع ويعقوب وأبي حيوة لتربوا بالتاء الفوقية مضمومة وإسناد الفعل إليهم وهو باب الأفعال المتعدية لواحد بهمزة التعدية والمفعول محذوف أي لتربوه وتزيدوه في أموال الناس أو هو من