كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 21)
غيره من الكتب وجاء في وصف هذه الأمة صدورهم أناجيلهم وكون ضمير هو للقرآن هو الظاهر ويؤيده قراءة عبدالله بل هي آيات بينات وقال قتادة : الضمير للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم وقرأ بل هو آية بينة على التوحيد وجعله بعضهم له عليه الصلاة و السلام على قراءة الجمع على معنى بل النبي وأموره آيات وقيل : الضمير لما يفهم من النفي السابق أي كونه لا يقرأ ألا يخط آيات بينات في صدور العلماء من أهل الكتاب لأن ذلك نعت النبي عليه الصلاة و السلام في كتابهم والكل كما ترى وفي الأخير حمل الذين أوتوا العلم على علماء أهل الكتاب وهو مروى عن الضحاك والأكثرون على أنهم علماء الصحابة أو النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وعلماء أصحابه وروى هذا عن الحسن وروى بعض الإمامية عن أبي جعفر وأبي عبدالله رضي الله تعالى عنهما أنهم الأئمة من آل محمد وما يجحد بآياتنا مع كونها كما ذكر إلا الظالمون 94 المتجاوزون للحد في الشر والمكابرة والفساد وقالوا أي كفار قريش بتعليم بعض أهل الكتاب
وقيل : الضمير لأهل الكتاب لولا أنزل عليه آيات من ربه مثل ناقة صالح وعصا موسى وقرأ أكثر أهل الكوفة آية على التوحيد قل إنما الآيات عند الله ينزلها حسبما يشاء من غير دخل لأحد في ذلك قطعا وإنما أنا نذير مبين 05 ليس من شأني إلا الإنذار بما أوتيت من الآيات لا الإتيان بما أقترحتموه فالقصر قصر قلب أو لم يكفهم كلام مستأنف وارد من جهته تعالى ردا على إقتراحهم وبيانا لبطلانه والهمزة للإنكار والنفي والواو للعطف على مقدر يقتضيه المقام أي أقصر ولم يكفهم آية مغنية عن سائر الآيات أنا أنزلنا عليك الكتاب الناطق بالحق المصدق لما بين يديه من الكتب السماوية وأنت بمعزل من مدارستها وممارستها يتلى عليهم تدوم تلاوته عليهم متحدين به فلا يزال معهم آية ثابتة لا تزول ولا تضمحل كما تزول كل آية بعد كونها وقيل : يتلى عليهم أي أهل الكتاب بتحقق ما في أيديهم من نعتك وعت دينك وله وجه إن كان ضمير قالوا فيما تقدم لأهل الكتاب وأما إذا كان لكفار قريش فلا يخفى ما فيه
إن في ذلك أي الكتاب العظيم الشأن الباقي على ممر الدهور وقيل : الذي هو حجة بينة لرحمة أي نعمة عظيمة وذكرى أي تذكرة لقوم يؤمنون 15 أي همهم الإيمان لا التعنت فالجار والمجرور متعلق بذكرى والفعل مراد به الإستقبال ويجوز أن يكون رحمة وذكرى مما تنازعا في الجار والمجرور فيجوز أن يكون الفعل للحال وأخرج الفريابي والدارمي وأبو داؤد في مراسيله وإبن جرير وإبن المنذر وإبن أبي حاتم عن يحيى بن جعدة قال : جاء ناس من المسلمين بكتف قد كتبوا فيها بعض ما سمعوه من اليهود فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : كفى بقوم حمقا أو ضلالة أن يرغبوا عما جاء به نبيهم إليهم إلى ما جاء به غيره إلى غيرهم فنزلت أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب الآية وأخرج الإسماعيلي في معجمه وإبن مردويه عن يحيى هذا ما هو قريب مما ذكر مرويا عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه
و يؤمنون على هذا على ظاهره لا غير وتعقب بأن السياق والسباق مع الكفرة وإن الظاهر كون أو لم يكفهم الآية جوابا لقولهم : لولا أنزل إلخ وفي جعل سبب النزول ما ذكر خروج عن ذلك فتأمل