كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 21)

بالنصب عطفا على يضل والضمير للسبيل فإنه مما يذكر ويؤنث وجوز أن يكون للآيات وقيل : يجوز أن يكون للأحاديث لأن الحديث أسم جنس بمعنى الأحاديث وهو كما ترى هزوا أي مهزوا به وقرأ جمع من السبعة يتخذها بالرفع عطفا على يشتري وجوز أن يكون على إضمار هو أولئك لهم عذاب مهين 6 لما أتصفوا به من إهانتهم الحق بإيثار الباطل عليه وترغيب الناس فيه والجزاء من جنس العمل و أولئك إشارة إلى من وما فيه من معنى البعد للإشارة إلى بعد المنزلة في الشرارة والجمع في أسم الإشارة والضمير بإعتبار معناها كما أن الإفراد في الفعلين بإعتبار لفظها وكذا في قوله تعالى : وإذا تتلى عليه ففي الآية مراعاة اللفظ ثم مراعاة المعنى ثم مراعاة اللفظ ونظيرها في ذلك قوله تعالى في سورة الطلاق : ومن يؤمن بالله الآية قال أبو حيان : ولا نعلم جاء في القرآن ما حمل على اللفظ ثم على المعنى ثم على اللفظ غير هاتين الآيتين وقال الخفاجي : ليس كذلك فإن لها نظائر أي وإذا تتلى على المشتري المذكور آياتنا الجليلة الشأن ولى أعرض عنها غير معتد بها مستكبرا مبالغا في التكبر فالإستفعال بمعنى التفعل كأن لم يسمعها حال من ضمير ولى أو من ضمير مستكبرا أي مشابها حاله في إعراضه تكبرا أو في تكبره حال من لم يسمعها وهو سامع وفيه رمز إلى أن من سمعها لا يتصور منه التولية والإستكبار لما فيها من الأمور الموجبة للإقبال عليها والخضوع لها على طريقة قول الخنساء : أيا شجر الخابور مالك مورقا كأنك لم تجزع على إبن طريف و كأن المخففة ملغاة لا حاجة إلى تقدير ضمير شأن فيها وبعضهم يقدره كأن في أذنيه وقرا أي صمما مانعا من السماع وأصل معنى الوقر الحمل الثقيل أستعير للصمم ثم غلب حتى صار حقيقة فيه والجملة حال من ضمير لم يسمعها أو هي بدل منها بدل كل من كل أو بيان لها ويجوز أن تكون حالا من أحد السابقين ويجوز أن تكون كلتا الجملتين مستأنفتين والمراد من الجملة الثانية الترقي في الذم وتثقيل كأن في الثانية كأنه لمناسبته للثقل في معناه وقرأ نافع في أذنيه بسكون الذال تخفيفا فبشره بعذاب أليم 7 أي أعلمه أن العذاب المفرط في الإيلام لاحق به لا محالة وذكر البشارة للتهكم إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات بيان لحال المؤمنين بآياته تعالى أثر بيان حال الكافرين بها أي أن الذين آمنوا بآياته تعالى وعملوا بموجبها لهم بمقابلة ما ذكر من إيمانهم وعملهم جنات النعيم 8 أي النعيم الكثير وإضافة الجنات إليه بإعتبار إشتمالها عليه نظير قولك : كتب الفقه
وفي هذا إشارة إلى أن لهم نعيمها بطريق برهاني فهو أبلغ من لهم نعيم الجنات إذ لا يستدعي ذلك أن تكون نفس الجنات ملكا لهم فقد يتنعم بالشيء غير مالكه وقيل : في وجه الأبلغية أنه لجعل النعيم فيه أصلا ميزت به الجنات فيفيد كثرة النعيم وشهرته وأياما كان فجنات النعيم هي الجنات المعروفة
وأخرج إبن أبي حاتم عن مالك بن دينار قال : جنات النعيم بين جنات الفردوس وبين جنات عدن وفيها جوار خلقن من ورد الجنة قيل : ومن يسكنها قال : الذين هموا بالمعاصي فلما ذكروا عظمتي راقبوني والذين أنثنت أصلا بهم في خشيتي والله تعالى أعلم بصحة الخبر والجملة خبران قيل : والأحسن أن يجعل لهم هو الخبر لأن

الصفحة 80