كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 21)
ما لم تعلم ولما تعمل بما قد علمت فإن مثل رجل أحتطب حطبا فحمل حزمة وذهب يحملها فعجز عنها فضم إليها أخرى وقوله : يابني إذا أردت أن تواخي رجلا فأغضبه قبل ذلك فإن أنصفك عند غضبه وإلا فأحذره وقوله : لتكن كلمتك طيبة وليكن وجهك بسطاتكن أحب إلى الناس ممن يعطيهم العطاء وقوله : يابني أنزل نفسك من صاحبك منزلة من لا حاجة له بك ولا بد لك منه يابني كن كمن لا يبتغي محمدة الناس ولا يكسب ذمهم فنفسه منه في عناء والناس منه في راحة وقوله : يابني أمتنع بما يخرج من فيك فإنك ما سكت سالم وإنما ينبغي لك من القول ما ينفعك إلى غير ذلك مما لا يحصى إن أشكر لله أي أي أشكر على أن أن تفسيرية وما بعدها تفسير لأيتاء الحكمة وفيه معنى القول دون حروفه سواء كان بالهام أو وحي أو تعليم
وجوز أن يكون تفسيرا للحكمة بإعتبار ما تضمنه الأمر وجعل الزجاج إن مصدرية بتقدير اللام التعليلية ولا يفوت معنى الأمر كما مر تحقيقه
وحكى سيبويه كتبت إليه بأن قم والجار متعلق بآتينا وجوز كونها مصدرية بلا تقدير على أن المصدر بدل إشتمال من الحكمة وهو بعيد ومن يشكر إلخ إستئناف مقرر لمضمون ما قبله موجب للإمتثال بالأمر أي ومن يشكر له تعالى فإنما يشكر لنفسه لأن نفعه من إرتباط القيد وإستجلاب المزيد والفوز بجنة الخلود مقصورة عليها ومن كفر فإن الله غني عن كل شيء فلا يحتاج إلى الشكر ليتضرر بكفر من كفر حميد 21 حقيق بالحمد وإن لم يحمده أحد أو محمود بالفعل ينطق بحمده تعالى جميع المخلوقات بلسان الحال فحميد فعيل بمعنى محمود على الوجهين وعدم التعرض لكونه سبحانه وتعالى مشكورا لما أن الحمد متضمن للشكر بل هو رأسه كما قال صلى الله تعالى عليه وسلم : الحمد رأس الشكر لم يشكر الله تعالى عبد لم يحمد فإثباته له تعالى إثبات للشكر له قطعا وفي إختيار صيغة المضي في هذا الشق قيل : إشارة إلى قبح الكفران وأنه لا ينبغي إلا أن يعد في خبر كان وقيل : إشارة إلى أنه كثير متحقق بخلاف الشكر وقليل من عبادي الشكور وجواب الشرط محذوف قام مقامه قوله تعالى : فإن الله إلخ وكان الأصل ومن كفر فإنما يكفر على نفسه لأن الله غني حميد وحاصله ومن كفر فضرر كفره عائد عليه لأنه تعالى غني لا يحتاج إلى الشكر ليتضرر سبحانه بالكفر محمود بحسب الإستحقاق أو بنطق ألسنة الحال فكلا الوصفين متعلقان بالشق الثاني وجوز أن يكون غني تعليلا لقوله سبحانه : فإنما يشكر لنفسه وقوله عزوجل : حميد تعليلا للجواب المقدر للشرط الثاني بقرينة مقابلة وهو فإنما يكفر على نفسه وأن يكون كل منهما متعلقا بكب منهما ولا يخفى ما في ذلك من التكلف الذي لم يدع إليه ولم تقم عليه قرينة فتدبر
وإذ قال لقمان لإبنه تاران على ما قال الطبري والقتبي وقيل : ماثان بالمثلثة وقيل : أنعم وقيل : أشكم وهما بوزن أفعل وقيل : مشكم بالميم بدل الهمزة و إذ معمول لا ذكر محذوفا وقيل : يحتمل أن يكون ظرفا لآتينا والتقدير وآتيناه الحكمة إذ قال وأختصر لدلالة المقدم عليه وقوله تعالى : وهو يعظه جملة حالية والوعظكما قال الراغبزجر مقترن يتخويف وقال الخليل : هو التذكير بالخير فيما يرق له القلب يابني تصغير إشفاق ومحبة لا تصغير تحقير