كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 21)
ولكن إذا ما حب شيء تولعت به أحرف التصغير من شدة الوجد وقال آخر : ما قلت حبيبي من التحقير بل يعذب أسم الشيء بالتصغير وقرأ البزي هنا يابني بالسكون وفيما بعد يابني إنها بكسر الياء ويابني أقم بفتحها وقيل بالسكون في الأولى والثالثة والكسر في الوسطى وحفص والمفضل عن عاصم بالفتح في الثلاثة على تقدير يابنيا والإجتزاء بالفتحة عن الألف وقرأ باقي السبعة بالكسر فيها لا تشرك بالله قيل : كان إبنه كافرا ولذا نهاه عن الشرك فلم يزل يعظه حتى أسلم وكذا قيل في أمرأته
وأخرج إبن أبي الدنيا في نعت الخائفين عن الفضل الرقاشي قال : ما زال لقمان يعظ إبنه حتى مات
وأخرج عن حفص بن عمر الكندي قال : وضع لقمان جرابا من خردل وجعل يعظ إبنه موعظة ويخرج خردلة فنفد الخردل فقال : يابني لقد وعظتك موعظة لو وعظتها جبلا لتفطر فتفطر إبنه وقيل : كان مسلما والنهي عن الشرك تحذير له عن صدوره منه في المستقبل والظاهر أن الباء متعلق بما عنده ومن وقف على لا تشرك جعل الباء للقسم أي أقسم بالله تعالى إن الشرك لظلم عظيم 31 والظاهر أن هذا من كلام لقمان ويقتضيه كلام مسلم في صحيحه والكلام تعليل للنهي أو الإنتهاء عن الشرك وقيل : هو خير من الله تعالى شأنه منقطع عن كلام لقمان متصل به في تأكيد المعنى وكون الشرك ظلما لما فيه من وضع الشيء في غير موضعه وكونه عظيما لما فيه من التسوية بين من لا نعمة إلا منه سبحانه ومن لا نعمة له
ووصينا الإنسان بوالديه إلخ كلام مستأنف إعترض به على نهج الإستطراد في أثناء وصية لقمان تأكيدا لما فيه من النهي عن الإشراك فهو من كلام الله عزوجل لم يقله سبحانه للقمان وقيل : هو من كلامه تعالى قاله جل وعلا له وكأنه قيل : قلنا له أشكر وقلنا له وصينا الإنسان إلخ وفي البحر لما بين لقمان لإبنه إن الشرك ظلم ونهاه عنه كان ذلك حثا على طاعة الله تعالى ثم بين أن الطاعة أيضا تكون للأبوين وبين السبب في ذلك فهو من كلام لقمان مما وصى به إبنه أخبر الله تعالى عنه بذلك وكلا القولين كما ترى والمعنى وأمرنا الإنسان برعاية والديه حملته أمه وهنا أي ضعفا على وهن أي ضعف والمصدر حال من أمه بتقدير مضاف أي ذات وهن وجوز جعله نفسه حالا مبالغة لكنه مخالف للقياس إذ القياس في الحال كونه مشتقا ويجوز أن يكون مفعولا مطلقا لفعل مقدر أي تهن وهنا والجملة حال من أمه أيضا
وأياما كان فالمراد تضعف ضعفا متزايدا بإزدياد ثقل الحمل إلى مدة الطلق وقيل : ضعفا متتابعا وهو ضعف الحمل وضعف الطلق وضعف النفاس وجوز أن يكون حالا من الضمير المنصوب في حملته العائد على الإنسان وهو الذي يقتضيه ما أخرجه إبن جرير وإبن أبي حاتم عن مجاهد أنه قال : وهنا الولد على وهن الوالدة وضعفها والمراد أنها حملته كونه ضعيفا على ضعيف مثله وليس المراد أنها حملته حال كونه متزايد الضعف ليقال أن ضعفه لا يتزايد بل ينقص وقرأ عيسى الثقفي وأبو عمرو في رواية وهنا على وهن بفتح الهاء فيهما فأحتمل أن يكون من باب تحريك العين إذا كانت حرف حلق كالشعر والشعر على القياس المطرد عند الكوفي كما ذهب إليه إبن جني وأن يكون مصدر وهن بكسر الهاء يوهن بفتحها فإن مصدره جاء كذلك وهذا كما يقال تعب يتعب تعبا كما قيل وكلام صاحب القاموس ظاهر في عدم