كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 21)
إختصاص أحد المصدرين بأحد الفعلين قال : الوهن الضعف في العمل ويحرك والفعل كوعد وورث وكرم
وفصاله أي فطامه وترك إرضاعه وقرأ الحسن وأبو رجاء وقتادة والجحدري ويعقوب وفصله وهو أعم من الفصال والفصال ههنا أوقع من الفصل لأنه موقع يختص بالرضاع وإن رجعا إلى أصل واحد على ما قال الطيبي في عامين أي في إنقضاء عامين أي في أول زمان إنقضائهما وظاهر الآية أن مدة الرضاع عامان وإلى ذلك ذهب الإمام الشافعي والأمام أحمد وأبو يوسف ومحمد وهو مختار الطحاوي وروى عن مالك وذهب الإمام أبو حنيفة إلى أن مدة الرضاع الذي يتعلق به التحريم ثلاثون شهرا لقوله تعالى : وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ووجه الإستدلال به أنه سبحانه وتعالى ذكر شيئين وضرب لهما مدة فكانت لكل واحد منهما بكمالها كالأجل المضروب للدينين على شخصين بأن قال : أجلت الدين الذي لي على فلان والدين الذي لي على فلان سنة فإنه يفهم أن السنة بكمالها لكل أو على شخص بأن قال لفلان على ألف درهم وعشرة أقفزة إلى سنة فصدقه المقر له في الأجل فإذا مضت السنة يتم أجلهما جميعا إلا أنه قام النقص في أحدهما أعني مدة الحمل لقول عائشة الذي لا يقال مثله إلا سماعا : الولد لا يبقى في بطن أمه أكثر من سنتين ولو بقدر فلكة مغزل فتبقى مدة الفصال على ظاهرها وما ذكر هنا أقل مدته وفيه بحث أن أشكر لي ولوالديك تفسير لوصينا كما أختاره النحاس فإن تفسيرية وجوز أن تكون مصدرية بتقدير لام التعليل قبلها وهو متعلق بوصينا وبلا تقدير على أن يكون المصدر بدلا من والديه بدل الإشتمال وعليه كأنه قيل : وصينا الإنسان بوالديه بشكرهما وذكر شكر الله تعالى لأن صحة شكرهما تتوقف على شكره عزوجل كما قيل في عكسه لا يشكر الله تعالى من لا يشكر الناس ولذا قرن بينهما في الوصية وفي هذا من البعد ما فيه وأما القول بأن الأمر يأبى التفسير والتعليل والبدلية فليس بشيء كما أشرنا إليه قريبا وعلى الأوجه الثلاثة يكون قوله تعالى : حملته أمهإلىعامين إعتراضا مؤكدا للتوصية في حق الأم خصوصا لذكر ما قاسته في تربيته وحمله ولذا قال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كما في حديث صحيح رواه الترمذي وأبو داؤد عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده لمن سأله عمن يبره : أمك وأجابه عن سؤاله به ثلاث مرات وعن بعض العرب أنه حمل أمه إلى الحج على ظهره وهو يقول في حدائه : أحمل أمي وهي الحمالة
ترضعني الدرة والعلالة
ولا يجازي والد فعاله ولله تعالى در من قال : لأمك حق لو علمت كبير كثيرك ياهذا لديه يسير فكم ليلة باتت بثقلك تشتكي لها من جراها أنة وزفير وفي الوضع لو تدري عليها مشقة فمن غصص لها الفؤاد يطير وكم غسلت عنك الأذى بيمينها وما حجرها إلا لديك سرير وتفديك مما تشتكيه بنفسها ومن ثديها شرب لديك نمير وكم مرة جاعت وأعطتك قوتها حنوا وأشفاقا وأنت صغير فآها لذي عقل ويتبع الهوى وآها لأعمى القلب وهو بصير فدونك فأرغب في عميم دعائها فأنت لما تدعو به لفقير وأختلف في المراد بالشكر المأمور به فقيل هو الطاعة وفعل ما يرضي كالصلاة والصيام بالنسبة إليه تعالى