كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 21)
لا يثبت سنده وإنما معنى الكلام المبالغة والإنتهاء في التفهيم أي إن قدرته عزوجل تنال ما يكون في تضاعيف صخرة وما يكون في السماء وما يكون في الأرض والأقوى عندي وضع هذه الأخبار ونحوها فليست الأرض إلا في حجر الماء وليس الماء إلا في جوف الهواء وينتهي الأمر إلى عرش الرحمن جل وعلا والكل في كف قدرة الله عزوجل
وقرأ عبدالرحيم الجزري فتكن بكسر الكاف وشد النون وفتحها وقرأ محمد بن أبي فجة البعلبكي فتكن بضم التاء وفتح الكاف والنون مشددة وقرأ قتادة فتكن بفتح التاء وكسر الكاف وسكون النون ورويت هذه القراءة عن الجزري أيضا والفعل في جميع ما ذكر من وكن الطائر إذا أستقر في وكنته أي عشه ففي الكلام إستعارة أو مجاز مرسل كما في المشفر والضمير للمحدث عنه فيما سبق وجوز أن يكون للإبن والمعنى إن تختف أو تخف وقت الحساب يحضرك الله تعالى ولا يخفى أنه غير ملائم للجواب أعني قوله تعالى : يأت بها الله أي يحضرها فيحاسب عليها وهذا أما على ظاهره أو المراد يجعلها كالحاضر المشاهد لذكرها والإعتراف بها إن الله لطيف يصل علمه تعالى إلى كل خفي خبير 61 عالم بكنهه
وعن قتادة لطيف بإستخراجها خبير بمستقرها وقيل : ذو لطف بعباده فيلطف بالإتيان بها بأحد الخصمين خبير عالم بخفايا الأشياء وهو كما ترى والجملة علة مصححة للإتيان بها أخرج إبن أبي حاتم عن علي بن رباح اللخمي أنه لما وعظ لقمان إبنه وقال : إنها إن تك الآية أخذ حبة من خردل فأتى بها إلى اليرموك وهو واد في الشام فألقاها في عرضه ثم مكث ما شاء الله تعالى ثم ذكرها وبسط يده فأقبل بها ذباب حتى وضعها في راحته والله تعالى أعلم وبعد ما أمره بالتوحيد الذي هو أول ما يجب على المكلف في ضمن النهي عن الشرك ونبهه على كمال علمه تعالى وقدرته عزوجل أمره بالصلاة التي هي أكمل العبادات تكميلا من حيث العمل بعد تكميله من حيث الإعتقاد فقال مستميلا له : يابني أقم الصلاة تكميلا لنفسك ويروى أنه قال له : يا بني إذا جاء وقت الصلاة فلا تؤخرها لشيء صلها وأسترح منها فإنها دين وصل في جماعة ولو على رأس زج وأمر بالمعروف وأنه عن المنكر تكميلا لغيرك والظاهر أنه ليس المراد معروفا ونكرا معينين
وأخرج إبن أبي حاتم عن إبن جبير أنه قال : وأمر بالمعروف يعني التوحيد وأنه عن المنكر يعني الشرك وأصبر على ما أصابك من الشدائد والمحن لا سيما فيما أمرت به من إقامة الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإحتياج الأخيرين للصبر على ما ذكر ظاهر والأول لأن إتمام الصلاة والمحافظة عليها قد يشق ولذا قال تعالى : وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين وقال إبن جبير : وأصبر على ما أصابك في أمر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يقول : إذا أمرت بمعروف أو نهيت عن منكر وأصابك في ذلك أذى وشدة فأصبر عليه إن ذلك أي الصبر على ما أصابك عند إبن جبير وهو يناسب أفراد أسم الإشارة وما فيه من معنى البعد للإشعار ببعد منزلته في الفضل أو الإشارة إلى الصبر وإلى سائر ما أمر به والإفراد للتأويل بما ذكر وأمر البعد على ما سمعت من عزم الأمور 71 أي مما عزمه الله تعالى وقطعه قطع إيجاب وروى ذلك عن