كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 21)
نعم الله تعالى عليه فكان المراد أن النعمة الباطنة هي ستر ما ستر من العورة ومساوي العمل ولم يقل كذلك إعتمادا على وضوح الأمر وجاء في بعض الآثار ما يقتضي ذلك أخرج إبن أبي حاتم والبيهقي عن مقاتل أنه قال في الآية : ظاهرة الإسلام وباطنة ستره تعالى عليكم المعاصي بل جاء في بعض روايات الخبر الثاني وأما ما بطن فستر مساوي عملك
وجوز أن يكون ما في ما ستر في الخبرين مصدرية ومن صلة ستر لا بيان لما وقرأ يحيى بن عمارة وأصبغ بالصاد وهي لغة بني كلب يبدلون من السين إذا أجتمعت مع أحد الحروف المستعلية الغين والخاء والقاف صادا فيقولون في سلخ صلخ وفي سقر صقر وفي سائغ صائغ ولا فرق في ذلك بين أن يفصل بينهما فاصل وأن لا يفصل وظاهر كلام بعضهم أنه لا فرق أيضا بين أن تتقدم السين على أحد تلك الأحرف وأن تتأخر وأشترط آخر تقدم السين وذكر الخفاجي أنه إبدال مطرد
وقرأ بعض السبعة وزيد بن علي رضي الله تعالى عنهما نعمة بالإفراد وقريء نعمته بالأفراد والإضافة ووجه الأفراد بإرادة الجنس كما قيل ذلك في قوله تعالى : وأن تعدوا نعمة الله لا تحصوها وقال الزجاج : من قرأ نعمة فعلى معنى ما أعطاهم من التوحيد ومن قرأ نعمه بالجمع فعلى جميع ما أنعم به عليهم والأول أولى ونصب ظاهرة وباطنة في قراءة التعريف على الحالية وفي قراءة التنكير على الوصفية ومن الناس من يجادل من الجدال وهو المفاوضة على سبيل المنازعة والمغالبة وأصله من جدلت الحبل أي أحكمت فتله كان المتجادلين يفتل كل منهما صاحبه عن رأيه وقيل : الأصل في الجدال الصراع وإسقاط الإنسان صاحبه على الجدالة وهي الأرض الصلبة وكأن الجملة في موضع الحال من ضميره تعالى فيما قبل أي ألم تروا أن الله سبحانه فعل ما فعل من الأمور الدالة على وحدته سبحانه وقدرته عزوجل والحال من الناس من ينازع ويخاصم كالنضر بن الحرث وأبي إبن خلف كانا يجادلان النبي في الله أي في توحيده عزوجل وصفاته جل شأنه كالمشركين المنكرين وحدته سبحانه وعموم قدرته جلت ثدرته وشمولها للبعث ولم يقل فيه بدل في الله بإرجاع الضمير للأسم الجليل في قوله تعالى : ألم تروا أن الله سخر لكم تهويلا لأمر الجدال بغير علم مستفاد من دليل عقلي ولا هدى راجع إلى رسول مأخوذ منه وجوز جعل الهدى نفس الرسول مبالغة وفيه بعد ولا كتاب أنزله الله تعالى منير 02 أي ذي نور والمراد به واضح الدلالة على المقصود وقيل : منقذ من ظلمة الجهل والضلال بل يجادلون بمجرد التقليد كما قال سبحانه وإذا قيل لهم أي لمن يجادل والجمع بإعتبار المعنى أتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا يريدون عبادة ما عبدوه من دون الله عزوجل وهذا ظاهر في منع التقليد في أصول الدين والمسئلة خلافية فالذي ذهب إليه الأكثرون ورجحه الإمام الرازي والآمدي أنه لا يجوز التقليد في الأصول بل يجب النظر والذي ذهب إليه عبيدالله بن الحسن العنبري وجماعة الجواز وربما قال بعضهم إنه الواجب على المكلف وإن النظر في ذلك والإجتهاد فيه حرام وعلى كل يصح عقائد المقلد المحق وإن كان آثما بترك النظر على الأول وعن الأشعري أنه لا يصح إيمانه وقال الأستاذ أبو القاسم القشيري : هذا مكذوب عليه لما يلزمه تكفير العوام وهم غالب المؤمنين والتحقيق أنه