كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 22)

ليريد فكأنه قيل : يريد الله إذهاب الرجس عنكم وتطهيركم وقيل : للتعليل ثم أختلف هؤلاء فقيل المفعول محذوف أي إنما يريد الله أمركم ونهيكم ليذهب أو إنما يريد منكم ما يريد ليذهب أو نحو ذلك وقال الخليل وسيبويه ومن تابعهما : الفعل في ذلك مقدر بمصدر مرفوع بالإبتداء واللام وما بعدها خبر أي إنما إرادة الله تعالى للإذهاب على حد ما قيل فيتسمع بالمعيدي خير من أن تراهفلا مفعول للفعل وقال الطبرسي : اللام متعلق بمحذوف تقديره وإرادته ليذهب وهو كما ترى وهذا الذي ذكر جار في قوله تعالى يريد الله ليبين لكم وأمرنا لنسلم لرب العالمين وقول الشاعر : أريد لأنسى ذكرها فكأنما تمثل لي ليلى بكل مكان ونصب أهل على النداء وجوز أن يكون على المدح فيقدر أمدح أو أعني وأن يكون على الإختصاص وهو قليل في المخاطب ومنه بك الله نرجو الفضل وأكثر ما يكون في المتكلم كقوله : نحن بنات طارق
نمشي على النمارق وأل في البيت للعهد وقيل : عوض عن المضاف إليه أي بيت النبي والظاهر أن المراد به بيت الطين والخشب لا بيت القرابة والنسب وهو بيت السكنى لا المسجد النبوي كما قيل وحينئذ فالمراد بأهله نساؤه المطهرات للقرائن الدالة على ذلك من الآيات السابقة واللاحقة مع أنه عليه الصلاة و السلام ليس له بيت يسكنه سوى سكناهن وروى ذلك غير واحد أخرج إبن أبي حاتم وإبن عساكر من طريق عكرمة عن إبن عباس رضي الله تعالى عنهما نزلت إنما يريد الله إلخ في نساء النبي خاصة وأخرج إبن مردويه من طريق إبن جبير عنه ذلك بدون لفظ خاصة وقال عكرمة من شاء بأهلته أنها نزلت في أزواج النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وأخرج إبن جرير وإبن مردويه عن عكرمة أنه قال في الآية : ليس بالذي تذهبون إليه إنما هو نساء النبي صلى الله تعالى عليه وسلم
وروى إبن جرير أيضا أن عكرمة كان ينادي في السوق أن قوله تعالى : إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت نزل في نساء النبي عليه الصلاة و السلام وأخرج إبن سعد عن عروة ليذهب عنكم الرجس أهل البيت قال : يعني أزواج النبي وتوحيد البيت لأن بيوت الأزواج المطهرات بإعتبار الإضافة إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بيت واحد وجمعه فيما سبق ولحق بإعتبار الإضافة إلى الأزواج المطهرات اللاتي كن متعددات وجمعه في قوله سبحانه الآتي إن شاء الله تعالى ياأيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم دفعا لتوهم إرادة بيت زينب لو أفرد من حيث أن سبب النزول أمر وقع فيه كما ستطلع عليه إن شاء الله تعالى وأورد ضمير جمع المذكر في عنكم ويطهركم رعاية للفظ الأهل والعرب كثيرا ما يستعملون صيغ المذكر في مثل ذلك رعاية للفظ وهذا كقوله تعالى خطابا لسارة : أمرأة الخليل عليهما السلام أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد ومنه ما قيل قوله سبحانه : قال لأهله أمكثوا إني آنست نارا خطابا من موسى عليه السلام لإمرأته ولعل إعتبار التذكير هنا أدخل في التعظيم وقيل : المراد هو ونساؤه المطهرات رضي الله تعالى عنهن وضمير جمع المذكر لتغليبه عليه الصلاة و السلام عليهن وقيل : المراد بالبيت بيت النسب ولذا أفرد ولم يجمع كما في السابق واللاحق
فقد أخرج الحكيم الترمذي والطبراني وإبن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معا في الدلائل عن إبن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : قال رسول الله : إن الله تعالى قسم الخلق قسمين فجعلني في خيرهما قسما

الصفحة 13