كتاب روح المعاني (إحياء التراث العربي) (اسم الجزء: 22)

أين يتوجه ففي الكلام إستعارة مكنية أو تبعية وفي قراءة أبي إنا أو إياكم أما على هدى أو في ضلال مبين
قل لا تسألون عما أجرمنا ولا نسأل عما تعملون 52 هذا أبلغ في الإنصاف حيث عبر عن الهفوات التي لا يخلو عنها مؤمن بما يعبر به عن العظائم وأسند إلى النفس وعن العظائم من الكفر ونحوه بما يعبر به عن الهفوات وأسند للمخاطبين وزيادة على ذلك أنه ذكر الأجرام المنسوب إلى النفس بصيغة الماضي الدالة على التحقق وعن العمل المنسوب إلى الخصم بصيغة المضارع التي لا تدل على ذلك وذكر أن في الآية تعريضا وأنه لا يضر بما ذكر وزعم بعضهم أنها من باب المتاركة وأنها منسوخة بآية السيف
قل يجمع بيننا ربنا يوم القيامة عند الحشر والحساب ثم يفتح بيننا بالحق يقضي سبحانه بيننا ويفصل بعد ظهور رحال كل منا ومنكم بالعدل بأن يدخل المحقين الجنة والمبطلين النار وهو الفتاح القاضي في القضايا المنغلقة فكيف بالواضحة كإبطال الشرك وإحقاق التوحيد أو القاضي في كل قضية خفية كانت أو واضحة والمبالغة على الأول في الكيف وعلى الثاني في الكم ولعل الوجه الأول أولى وفيه إشارة إلى وجه تسمية فصل الخصومات فتحا وأنه في الأصل لتشبيه ما حكم فيه بأمر منغلق كما يشبه بأمر منعقد في قولهم : حلال المشكلات وقرأ عيسى الفاتح العليم 62 بما ينبغي أن يقضى به أو بكل شيء
قل أروني الذين ألحقتم به شركاء إستفسار عن شبهتهم بعد إلزام الحجة عليهم زيادة في تبكيتهم وأرى على ما أستظهره أبو حيان بمعنى أعلم فتتعدى إلى ثلاثة مفاعيل ياء المتكلم والموصول و شركاء وعائد الموصول محذوف أي ألحقتموهم والمراد أعلموني بالحجة والدليل كيف وجه الشركة وجوز كون رأي بصرية تعدت بالنقل لأثنين ياء المتكلم والموصول و شركاء حال من ضمير الموصول المحذوف أي ألحقتموهم متوهما شركتهم أو مفعول ثان لألحق لتضمينه معنى الجعل أو التسمية والمراد أرونيهم لأنظر بأي صفة ألحقتموهم بالله عزوجل الذي ليس كمثله شيء في إستحقاق العبادة أو ألحقتموهم به سبحانه جاعليهم أو مسميهم شركاء والغرض إظهار خطئهم العظيم
وقال بعض الأجلة : لم يرد من أروني حقيقته لأنه كان يراهم ويعلمهم فهو مجاز وتمثيل والمعنى ما زعمتموه شريكا إذا برز للعيون وهو خشب وحجر تمت فضيحتكم وهذاكما تقول للرجل الخسيس الأصل أذكر لي أباك الذي قايست به فلانا الشريف ولا تريد حقيقة الذكر وإنما تريد تبكيته وأنه إن ذكر أباه أفتضح
كلا ردع لهم عن زعم الشركة بعد ما كسره بالإبطال كما قال إبراهيم عليه الصلاة و السلام أف لكم ولما تعبدون من دون الله بعد ما حج قومه بل هو الله العزيز أي الموصوف بالغلبة القاهرة المستدعية لوجوب الوجود الحكيم 72 الموصوف بالحكمة الباهرة المستدعية للعلم المحيط بالأشياء وهؤلاء الملحقون عن الإتصاف بذلك في معزل وعن الحوم حول ما يقتضيه بألف ألف منزل والضمير إما عائد لما في الذهن وما بعده وهو الله الواقع خبرا له يفسره و العزيز الحكيم صفتان للأسم الجليل أو عائد لربنا في قوله سبحانه : يفتح بيننا ربنا على ما قيل أو هو ضمير الشأن و الله مبتدأ و العزيز الحكيم خبره والجملة خبر ضمير الشأن لأن خبره لا يكون إلا جملة على الصحيح وما أرسلناك إلا كافة للناس المتبادر أن كافة حال من الناس قدم مع إلا عليه للإهتمام

الصفحة 141